اسباب التباعد والخلاف ما بين الزوج والزوجة
الأبحاث تؤكد أن اختلاف الميول والأهواء بين الطرفين سبباً في اختلاف لغة الحديث بينهما، خاصة وأن الدراسات أكدت أن الموضوعات التي يحب الرجل الحديث عنها مختلفة عما تحب المرأة الكلام فيها، حيث نجد أن 60% من الرجال يتحدثون عن الرياضة والسياسة والقضايا الثقافية، بينما 18% فقط من المشاركين يتحدثون عن أنفسهم وحياتهم الخاصة. أما النساء، فـ41% يفضلن الحديث عن المشاعر والعلاقات الإنسانية.
أحد الباحثين الاجتماعيين في جامعة «تريستيه» الإيطالية، أكد في نتائج بحث له تناول فيه الفرق بين لغة المرأة والرجل، أن "اللغة مختلفة بين الرجل والمرأة، وربما كان هذا سبباً رئيسياً للتباعد بينهما "
لعل ذلك يفسر لنا سوء الفهم من جانب الزوج لحديث زوجته وما تقصده. المتخصصون يرجعون هذا الاختلاف إلى التباين بين حاجة كل منهما النفسية والفكرية للحوار. فالرجل يحاور زوجته بأكثر من أسلوب حسب ما يمر به من مواقف، مثل لهجة الاقتراح التي يستخدمها حين يطلب منها المساعدة لتقديم الحل فيما يواجهه من مشاكل وبخاصة لو كانت خارج البيت، كمشاكل العمل أو الأصدقاء، بينما يستخدم أسلوباً دفاعياً عند إحساسه بالخطأ وأنه ملام وبخاصة فيما يتعلق بأخطائه داخل المنزل ومع زوجته.
أما المرأة فإن حاجتها للحوار تنبع في الغالب من رغبتها في التعبير عن إحساسها ومشاعرها وما تواجهه من مشكلات، باحثة عن وجود دعم زوجها ووقوفه إلى جانبها. وفي كثير من الأحيان تتلخص كل مطالب الزوجة في أن يصغي إليها زوجها باهتمام وان يوليها مشاعره أثناء الاستماع إليها.
اختلاف أساليب التعبير
من جانبه أفاد الدكتور هاني السبكي استشاري الطب النفسي لصحيفة "الشرق الأوسط "، بأنه على المرأة إدراك طبيعة الرجل حتى لا تغضب منه.
وأضاف قائلاً: "للرجل طريقته في التعبير بالكلمات التي تختلف عن المرأة، فبينما يعتمد هو على استخدام الكلمات التي تتطابق مع المعنى الذي يريده بإيجاز وبألفاظ محددة يعنيها فعلاً، مع محافظته على التسلسل، فإن المرأة قد تتحدث بكلمات أكثر بساطة وربما أقل دقة معتمدة عليه أن يفهم المعنى الحقيقي لما تقوله. والمشكلة أن هذه ميزة لا يتمتع بها كل الرجال. على سبيل المثال من الممكن أن تتحدث الزوجة إلى زوجها قائلة إن يومها في العمل كان شاقا، وأنها تعاملت مع الكثير من المهام التي كان عليها إنجازها، وهي هنا تشكو من يوم صعب ومرهق وتحتاج لبعض الكلمات الداعمة من زوجها لها، أو كلمة رقيقة منه تنسيها همومها، لكن الزوج قد يفهم كلماتها على أنها تعني عدم قدرتها على القيام بأعباء المنزل، فيبدأ في توجيه النصائح لها في كيفية التوفيق بين عملها داخل المنزل وخارجه. مثال آخر يحدث عندما تقول المرأة لزوجها إن لون ربطة عنقه غير ملائمة للون السترة التي يرتديها، فهي هنا لا تقصد انتقاد ذوقه بل تسعى لأن يبدو أكثر أناقة. ولهذا فإن ما تقوله المرأة وما يفهمه الرجل شيئان مختلفان".
مشيراً إلى إحدى نتائج إحدى الدراسات التي أجريت بجامعة أوستن الأمريكية في هذا المجال، التي أكدت أن متوسط حديث المرأة في اليوم يتراوح بين 16 – 20 ألف كلمة، بينما متوسط حديث الرجل اليومي لا يتعدى 7 آلاف كلمة.
وتابع السبكي قائلاً : كما أتضح من المسح التصويري للمخ في تفاصيل أجزائه الداخلية المتعلقة بضخ الدم وانسيابه إلى أجزاء المخ، خاصة تلك الأماكن المسئولة عن تفسير اللغة والكلام، أن ثمة علاقة قوية تربط بين هذه المنطقة والمركز المسئول عن العواطف. واتضح أيضاً من خلال نفس الدراسة أن تدفق وانسياب الدم في هذه المنطقة لدى المرأة أعلى من الرجل، وهو ما يجعل لغة المرأة في كثير من الأحيان تميل إلى الجانب العاطفي واستخدام المفردات التي تعبر عن مشاعرها، كما يساهم في جعل قدرتها على استعمال المخزون اللغوي والتعبيري أكبر من استعمال الرجل له، مما يفسر استخدامه هذا المخزون بطريقة أكثر دقة وتحديداً وإيجازاً. وذكرت الدراسة أن تلك الفروق اللغوية بين الرجل والمرأة تعود إلى مرحلة الطفولة المبكرة، حيث يستخدم الصبيان لغة التخاطب فيما بينهم ليتناقشوا، بينما تستعمل البنات لغة التخاطب ليصبحن أكثر قرباً والتصاقاً بمن حولهن لأنهن لا يستطيعن البقاء من دون رفيق أو رفيقة ويخفن الوحدة إذا لم يجدن من يتحدثن معه.
ولكن الأمر الخطير الذي يحذر منه الدكتور هاني السبكي، هو أن بعض النساء يتغلبن على تلك المشكلة الخاصة بسوء فهم أزواجهن لأحاديثهن، أو عدم فهمها من الأساس، بالحديث مع الصديقات في كل كبيرة وصغيرة عن حياتهن، وهو أمر لا ينصح به، لأنه يزيد من الفجوة بين الأزواج، خصوصا إذا شعر الزوج بأن صديقة زوجته تلم بكل تفاصيل حياتهما. فيندفع باتهام زوجته بالثرثرة وإخراج أسرار المنزل وعلاقتهما للغرباء في الوقت الذي تبحث فيه الزوجة إلى من يستمع لها.
اختيار الوقت والأسلوب
من جانبها تدعو الدكتورة سمية إبراهيم أستاذة الطب النفسي بجامعة بنها، الزوج إلى أن يحتوي زوجته، وينتبه لحديثها ويشعرها بدعمه العاطفي لها ومساندته لمشاعرها وأن يبثها كلمات العطف والتقدير والمحبة بين الحين والآخر.
ناصحة إياه بعدم الخجل من أن يطلب من زوجته إعادة ما قالته إن فاته بعض حديثها معه. قائلة : في نفس الوقت يتوجب على الزوجة اختيار الوقت المناسب للتحدث مع زوجها وأن تحاوره بشكل مباشر، فقد أكدت دراسة تم إجراؤها على عينة من النساء حول طريقة مناقشتهن لبعض الأمور مع أزواجهن، أن أكثر من 80% منهن يفضلن الحوار والنقاش على بقية الطرق الأخرى مثل كتابة الرسائل للزوج، أو الاستعانة بوسيط آخر كصديق مقرب للطرفين، لأنه وسيلة لوصل المحبة والتفاهم، وكل ما عليهما القيام به أن يقدرا طبيعة الاختلاف بينهما، وحاجة كل منهما النفسية والفكرية للحوار حتى لا يفشل الرجل في قراءة بين سطور كلماتها، وبخاصة أن إحدى الدراسات أثبتت أن قدرة الرجل على استيعاب العملية اللغوية وفهم ما يقال له، تبدأ في الضعف والاضمحلال في الثلاثينات من عمره بينما تستمر هذه القدرة مع المرأة حتى خريف عمرها وهو ما يفسر سر نسيان الرجل الدائم لأدق التفاصيل التي لا تنساها المرأة أبداً.
تقبل حضوري في صرحك الجمال مع خالص الاحترام
زهور الياسمين لشخصك
مودتي ************