ضرررب الاطفال
يخطئ الطفل فينهال عليه أبوه أو أمه ضرباً، فيهرب إلى سريره وينام بحسرته، وما تلبث الأحلام المزعجة أن تداهمه فيستيقظ فزعاً.. هذا مشهد يتكرر في كثير من بيوتنا. وأكثر العائلات تتبع مبدأ العقاب بالضرب لتربيةالطفل،على الرغم من أنّ بعض الأبحاث العلمية أثبتت أنّ هذه الوسيلة عديمة الجدوى، ولا ينتج عنها سوى اضطرابات نفسية وجسدية وعقلية قد تُصيب الأطفال، فتحدّ من نشاطهم وقدراتهم وحيويتهم، وقد تؤثر على درجة ذكائهم، بل إنَ بعضها قد يترك آثاره الدائمة على أجساد أولادنا من عاهات وغيرها
في عام 1995 أشارت اكاديمية طب الأطفال الاميركية، إن صفع الاطفال وسيلة غير مجدية لتأديبهم. وعلى الرغم من تغيير المواقف تجاه ضرب الاطفال والاعتراف بأنه غير فعال ووسيلة تلحق الأذى لتأديب الاطفال، الا ان الصفع، أو الضرب على المؤخرة، او الضرب المبرح من اكثر الوسائل الشائع استخدامها في جميع أنحاء العالم لتأديب الاطفال.
كشفت البحوث في بريطانيا واميركا ان صفع وضرب الاطفال منتشر اكثر مما كان متوقعا، ووجدت اكثر من 70 من الاطفال صفعوا او ضربوا من قبل آبائهم وامهاتهم. ولذا منعت بعض الدول الغربية العقوبة البدنيه للأطفال قانونيا مثل السويد وفنلندا والنرويج والمانيا وايطاليا وغيرها.
أما في العالم العربي ففي الملاحظات الختامية للجنة حقوق الطفل التابعة للامم المتحدة عن بلدان الشرق الاوسط وشمال افريقيا، اعربت اللجنة عن قلقها إزاء الانتشار الواسع للعقاب والعنف داخل الاسرة بوصفها وسيلة تأديبية معروفة ثقافيا ومتسامح معها قانونيا في عدد من البلدان بما فيها لبنان وتونس واليمن. ووجدت دراسة اجرتها منظمة اليونيسيف في سوريا ان الضرب شائع كشكل من اشكال العنف ضد الاطفال، بنسبة تقارب 79 ، والامهات كن اكثر عنفا تجاه ابنائهن من الآباء. ويشير مؤلفو كتاب ‘اكتشاف تنمية الطفل’ إن الآباء والأمهات يستخدمون وسائل مختلفة لتأديب اطفالهم، اذ يُصفع الصبيان اكثر من البنات، والامهات يكثرن من الضرب اكثر من الآباء، ويتعرض الاطفال فى سن سبع سنوات للصفعات اكثر ممن يكبرونهم سنا.
للآباء والأمهات الذين يتخذون العقاب بالضرب وسيلة لتربية أولادهم نقدم لهم ما توصلت إليه أبحاث التربويين وعلماء النفس في هذا الصدد:
أولاً: يعتقد كثير من الآباء والأمهات أن الضرب قد يضع حداً نهائياً لأخطاء طفلهم وتمرده، لكن الحقيقة أن ذلك لا يغير من سلوك الطفل، بل قد يسبب تعثراً في العلاقة بينه وبين الأهل
ثانياً:الآباء والأمهات الذين يلجأون إلى العقاب يبعدون أولادهم عنهم، إذ يعمد الأولاد إلى الحدّ من علاقاتهم مع أهلهم خوفاً من العقاب الشديد، مما يساعد على تعطيل دور الأهل في مسيرة التربية الصحيحة اللازمة لهم
ثالثاً: استخدام الضرب المفرط قد يحد من الأعمال السيئة والتصرفات الشاذة للأطفال، لكنه لايحسن ولا يهذّب سلوكهم، إذ يعلمهم ما لا يجب القيام به، لكنَّه لا يرشدهم إلى ما يجب القيام به
رابعاً: اعتماد مبدأ العقوبة بشكل مستمر قد يفقد قيمته وفعاليته كلما تقدّم الولد في العمر.. فالأساليب التي كانت تردع الولد في سنِّ الخامسة أو السابعة قد لا تؤثر عليه إذا بلغ الحادية عشرة من عمره
خامساً: استخدام مبدأ العقوبة الشديدة قد يولد عند الأولاد شعوراً بالنقمة وحب الثأر من المعاقب، وإن كان والده.ولقد لفت “ابن خلدون” النظر في مقدمته إلى مساوئ استعمال الشدة في التربية، فقال: “من كان مربّاه بالعسف والقهر من المتعلمين أو المماليك أو الخدم، سطا به إلى القهر، وضيَّق على النفس في انبساطها، وذهب بنشاطها، ودعا إلى الكسل، وحُمل على الكذب والخبث خوفاً من انبساط الأيدي بالقهر عليه، وعلمه المكر والخديعة لذلك، وصارت له هذه عـادة وخـلقاً وفسدت معاني الإنسانية”.فاستخدام الشدّة في التربية إذاً وسيلة غير ناجحة، ولا يمكن أن تعالج أخطاء الأولاد، وقد برهنت هذه الوسيلة على فشلها الذريع في معالجة المشاكل الناشئة؛ لأنها ليست بالأسلوب العقلاني أو النهج الإنساني الذي يمكنه أن يضع حداً نهائياً لأكثر سلبيات الأولاد.أمام فشل هذه الوسيلة علينا أن نبحث عن الطرق التربوية الناجحة التي يمكنها أن تضع حدَاً لكل ما يرتكبه الأولاد من أخطاء وسلبيات.
نصائح تساعد فى تأديب طفلك :