كثيراً ما يتعرض الإنسان في حياته اليومية إلى أخطاء من الغير منها ما يكون متعمداً
ومنها ما يكون بغير قصد ، ففي تلك الحالتين ينبغي على المسلم أن يتحمل أذى إخوانه ..
فإليك أخي طائفة من أخلاق السلف في التعامل مع الأخطاء .
– عن ميمون بن مهران قال: سمعت ابن عباس يقول : مابلغني عن أخ مكروه قط إلا أنزلته إحدى
ثلاث منازل : إن كان فوقي عرفتُ له قدره ، وإن كان نظيري تفضلت عليه ، وإن كان دوني لم
أحفل به . هذه سيرتي في نفسي فمن رغب عنا فأرض الله واسعة .
– عن حميد الطويل ، عن أبي قلابة قال : إذا بلغك عن أخيك شيء تكرهه فالتمس له العذر
جُهدك ، فإن لم تجد له عذراً فقل في نفسك : لعل لأخي عذراً لا أعلمه .
– عن رجاء بن حيوة ، قال من لم يؤاخ إلا من لاعيب فيه قل صديقه ، ومن لم يرض من صديقه
إلا بالإخلاص له دام سخطه ، ومن عاتب إخوانه على كل ذنب كثر عدوه .
– عن أبي يعقوب المدني قال : كان بين حين بن حسن وبين علي بن الحسين بعض الأمر . فجاء
حسن إلى علي بن الحسين وهو في أصحابه في المسجد . فما ترك شيئاً إلا قاله له . قال: وعلي
ساكت . فانصرف حسن فلما كان من الليل أتاه في منزله فقرع عليه بابه فخرج إليه ، فقال له
علي : يا أخي إن كُنت صادقاً فيما قلت لي فغفر الله لي ، وإن كنت كاذباً فغفر الله لك ،
السلام عليكم . وولى . قال:فاتبعه حسن فالتزمه من خلفه وبكى حتى رثى له ، ثم قال : لاجرم
لاعُدتُ في أمر تكرهه . فقال علي : وأنت في حل مما قلت لي .
– عن سفيان بن عيينة قال: قال سعيد بن المسيب إن الدنيا نذالة ، هي إلى كل نذل أميل ،
وأنذل منها من أخذها بغير حقها ، وطلبها بغير وجهها ووضعها في سُبلها .
– عن مالك بن أنس قال: قال سعيد ب المسيب : إنه ليس من شريف ولا عالم ولاذي فضل إلا وفيه
عيب ، لكن من الناس من لاينبغي أن تُذكر عيوبه : من كان فضله أ:ثر من نقصه وُهب نقصه
لفضله .
– عن أبن المديني ، سمعت سفيان يقول كان أبن عياش المنتوف يقع في عمر بن ذر ويشتمه .
فلقيه عمر فقال: ياهذا لاتُفرط في شتمنا ، وأبق للصلح موضعاً ، فإنا لانكافئ من عصى الله
فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه .
– وقال يونس الصدفيُ : ما رأيت أعقل من الشافعي ، ناظرته يوماً في مسألة ثم افترقنا
،ولقيني ، فأخذ بيدي ، ثم قال : يا أبا موسى ، ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق
في مسألة .
– وعن يونس بن عبدالأعلى قال: قال لي الشافعي يا يونس إذا بلغك عن صديق لك ما تكرهه
فإياك أن تبادره العداوة وقطع الولاية فتكون ممن أزال يقينه بشك ، ولكن ألقه وقل له :
بلغني عن ك كذا وكذا ، واحذر أن تسمي له المُبلغ فإن أنكر ذلك فقل له : أنت أصدق وأبر .
لاتزيدن على ذلك شيئاً ، وإن اعترف بذلك فرأيت له في ذلك وجهاً لعذر فاقبل منه وإن لم تر
ذلك فقل له : ماذا أردت بما بلغني عنك؟ فإن ذكر ما له وجه من العذر فاقبل منه ، وإن لم
تر لذلك وجهاً لعذر وضاق عليك المسلك فحينئذ أثبتها عليه سيئة ، ثم أنت في ذلك بالخيار ،
إن شئت كافأته يمثله من غير زيادة ، وإن شئت عفوت عنه والعفو أقرب للتقوى وأبلغ في الكرم
، لقول الله تعالى وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله) فإن نازعتك نفسك
بالمكافأة فأفكر فيما سبق له لديك من الإحسان فعدها ثم أ[در له إحساناً بهذه السيئة ،
لاتبخس باقي إحسانه السالف بهذه السيئة ، فإن ذلك الظلم بعينه . يايونس إذا كان لك صديق
فشد يديك به ، فإن اتحاذ الصديق صعب ومفارقته سهل .
دمـــــــتي بخير ..