تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » أحكام الصيام

أحكام الصيام 2024.

أحكام الصيام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،وبعد:
فإن صوم رمضان ركن من أركان الإسلام ، وفرض من فروض الله ، معلوم من الدين بالضرورة .
ويدل عليه الكتاب والسنة والإجماع ، قال الله تعالى : } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون {[البقرة:183] إلى قوله تعالى : } شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْه { [البقرة: 185] والأمر للوجوب .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: (( بني الإسلام على خمس ..، وذكر منها : .. صوم رمضان )) متفق عليه .
وأجمع المسلمون على وجوب صومه ، وأن من أنكره كفر .
والحكمة في مشروعية الصيام : أن فيه تزكية للنفس ، وتطهيراً وتنقيةً لها من الأخلاط الرديئة والأخلاق الرذيلة ؛ لأنه يُضيِّق مجاري الشيطان في بدن الإنسان ؛ ولأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ، فإذا أكل أو شرب انبسطت نفسه للشهوات وضعفت إرادتها ، وقلَّت رغبتُها في العبادات ، والصوم على العكس من ذلك .
وفي الصوم تزهيد في الدنيا وشهواتها ، وترغيب في الآخرة ، وفيه باعث على العطف على المساكين وإحساس بآلامهم ؛ لما يذوقه الصائم من ألم الجوع والعطش .
تعريف الصوم :
لغة : الإمساك .
وفي الشرع : التعبد لله بالإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس .
وقت الصوم : ويبتدئ وجوب الصوم اليومي بطلوع الفجر الثاني ، وهو البياض المعترض في الأفق ، وينتهي بغروب الشمس ، قال الله تعالى : } فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ { [البقرة: 187] ، ومعنى ( يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْل ) أي: أن يتضح بياض النهار من سواد الليل .
ويبدأ وجوب صوم شهر رمضان إذا علم دخوله .
وللعلم بدخوله ثلاث طرق :
الطريقة الأولى : رؤية هلاله ، قال تعالى: } فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ { [البقرة: 185] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( صوموا لرؤيته )) فمن رأى الهلال بنفسه وجب عليه الصوم .
مسألة : إذا رؤي الهلال في بلد وجب الصوم على جميع البلدان التى توافق بلد الرؤية في جمع مطلع الهلال .
مسألة : رؤية الهلال نهار الثلاثين لليلة المقبلة فلا يثبت به الصوم ، ولايحل به فطر ، وكذا لا عبرة برؤيته نهار التاسع ، والراية المعتبرة بعد غروب الشمس من اليوم التاسع والعشرين لورود ذلك عن الصحابة .
الطريقة الثانية : الشهادة على الرؤية ، أو الإخبار عنها .
فيصام برؤية ثقة مكلف ، ويكفي إخباره بذلك ؛ لقول ابن عمر : ( تراءى الناس الهلال فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته فصام وأمر الناس بصيامه ) رواه أبو داود وغيره، وصححه ابن حبان والحاكم .
الطريقة الثالثة : إكمال عدة شهر شعبان ثلاثين يومًا ، وذلك حينما لا يرى الهلال ليلة الثلاثين من شعبان ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (( إنما الشهر تسعة وعشرون يوماً فلا تصوموا حتى تروا الهلال ، ولا تفطروا حتى تروه ، فإن غم عليكم فاقدروا له )) ومعنى اقدروا له أي : أتموا شهر شعبان ثلاثين يومًا ؛ لما ثبت في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعاً : (( فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين )) .
ولا عبرة بالحساب الفلكي ؛ لحديث عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم : (( إنَّا أمَّة أمّيَّة ، لا نكتب ولا نحسب .. )) متفق عليه .
من يجب عليه الصيام : يلزم صوم رمضان كل مسلم مكلف قادر ، فلا يجب على كافر ، ولا يصح منه ، فإن تاب في أثناء الشهر صام الباقي ، ولا يلزمه قضاء ما سبق حال الكفر ، وإن أسلم أثناء اليوم أمسك باقيه ، ولا يلزمه قضاء ذلك اليوم .
ولا يجب الصوم على صغير ، ويصح الصوم من صغير مميز ، ويكون في حقه نافلة ، وله أجر الصيام ، ولوليه أجر التعليم والتربية .
ولا يجب الصوم على مجنون ، ولو صام حال جنونه لم يصح منه ؛ لعدم النيَّة .
وإذا بلغ الصبي أو عقل المجنون أثناء اليوم أمسك بقية اليوم وأجزأه ، ولم يلزمه قضاء ما سبق .
مسألة : ولا يجب على حائض ولا نفساء ، لكن إن طهرت قبل طلوع الفجر صح صيامها وإن لم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر ، وإن طهرت بعد طلوع الفجر أو حاضت قبل غروب الشمس لم يصح صيامها ذلك ووجب عليها القضاء .
ولا يجب الصوم أداءً على مريض يعجز عنه ، ولا على مسافر ، ويقضيانه حال زوال عذر المرض والسفر ، قال تعالى : } فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ { [البقرة: 184].
من مسنونات الصيام :
السحور : وهو ما يؤكل آخر الليل للتقوي على الصيام .
في الصحيحين عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( تسحروا فإن في السحور بركة )) .
وقد ورد في الترغيب بالسحور آثار كثيرة ، ولو بجرعة ماء ، ووقته آخر الليل ويستحب تأخيره إلى قرب انفجار الفجر .
ولو استيقظ الإنسان وعليه جنابة أو طهرت الحائض قبل طلوع الفجر فإنهم يبدؤون بالسحور ، ويصومون ، ويؤخرون الاغتسال إلى بعد طلوع الفجر .
ويستحب تعجيل الإفطار إذا تحقق غروب الشمس بمشاهدتها أو غلب على ظنه بأذان أو غيره ، فعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( لايزال الناس بخير ما عجلوا الفطر )) متفق عليه .
والسنة أن يفطر على رطب ، فإن لم يجد فعلى تمر ، فإن لم يجد فعلى ماء ؛ لقول أنس رضي الله عنه : (( كان النبي صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رطبات ، فإن لم تكن رطبات فتمرات ، فإن لم تكن تمرات حسا حسواتٍ من ماء .. )) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسَّنه ، وصححه الدارقطني ، وروى سلمان بن عامر الضبي رضي الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر ؛ فإنه بركة ، فإن لم يجد فعلى الماء فإنه طهور )) رواه الترمذي وصححه .
فإن لم يجد رطباً ولا تمراً ولا ماءً أفطر على ما تيسَّر من طعامٍ وشرابٍ .
ويستحب أن يدعو عند إفطاره بما أحب ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( ثلاثة لا ترد دعوتهم : .. وذكر منهم : والصائم حين يفطر .. )) رواه الترمذي وحسَّنه ، وابن ماجه .
مفسدات الصوم :
للصيام مفسدات يجب على المسلم أن يعرفها ؛ ليتجنبها ، ويحذر منها ؛ لأنها تفطر الصائم ، وتفسد عليه صيامه ، وهذه المفطرات منها :
1. الجماع : والمراد به تغييب الحشفة التي هي رأس الذكر في الفرج ، فمتى جامع الصائم بطل صيامه ، ولزمه قضاء ذلك اليوم الذي جامع فيه ، ويجب عليه مع قضائه الكفارة ، وهي عتق رقبة ، فإن لم يجد الرقبة أو لم يجد قيمتها فعليه أن يصوم شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع صيام شهرين متتابعين ، بأن لم يقدر على ذلك لعدم استطاعته لكبر سنه ، أو مرضه الدائم ، أو لضرره في معيشته فعليه أن يطعم ستين مسكيناً ، من الطعام المأكول في البلد .
2. إنزال المني : بسبب تقبيل أو لمس أو استمناء أو تكرار نظر ، فإذا حصل شيءٌ من ذلك فَسَدَ صومُهُ ، وعليه القضاء فقط بدون كفارة ؛ لأن الكفارة تختص بالجماع في نهار رمضان .
والنائم إذا احتلم فأنزل فلا شيء عليه ، وصيامه صحيح ؛ لأن ذلك وقع بدون اختياره ، لكن يجب عليه الاغتسال من الجنابة .
3. الأكل أو الشرب متعمداً : وهو إيصال جامد أو مائع إلى الجوف ؛ لقوله -تعالى-: } وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ { [البقرة: 187] .
أما من أكل وشرب ناسياً ؛ فإن ذلك لا يؤثر على صيامه ، وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه : (( من أكل أو شرب ناسياً فليتم صومه ، فإنما أطعمه الله وسقاه )) متفق عليه.
ومما يفطر الصائم إيصال الماء ونحوه إلى الجوف عن طريق الأنف ، وأخذ المغذي عن طريق الوريد ، وحقن الدم في الصائم كل ذلك يفسد صومه ؛ لأنه تغذية له ، ومن ذلك أيضاً حقن الصائم بالإبر المغذية ؛ لأنها تقوم مقام الطعام ، أما الإبر غير المغذية فلا تفطر ، لكن للصائم أيضاً أن يتجنبها محافظةً على صيامه ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : (( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك )) ، ويؤخرها إلى الليل .
4. إخراج الدم من البدن : بحجامة أو نحوها مما فيه إضعاف البدن ، أما إخراج دم قليل كالذي يستخرج للتحليل وكذا خروج الدم بغير اختياره برعاف أو جرح أو خلع سن فهذا لا يؤثر على الصيام .
5. التقيؤ : وهو استخراج ما في المعدة من طعام أو شراب عن طريق الفم متعمداً فهذا يفطر به الصائم ، أما إذا غلبه القيء ، وخرج بدون اختياره فلا يؤثر على صيامه ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (( من ذرعه القيء فليس عليه قضاء ، ومن استقاء عمداً فليقضِ )) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، والحديث صححه ابن حبان وابن خزيمة والحاكم والذهبي وحسَّنه الترمذي ، وأعلَّه بعضُ الأئمَّة ، ولم يقولوا بموجبه ، لكن يشهد له استقراء الشرع ، وأن ما فيه استفراغ كإخراج المني والحجامة أنه مفطر . وورد عن ابن عمر موقوفاً ، رواه مالك والشافعي . ومعنى ( ذرعه القيء ) أي: خرج بدون اختياره . ومعنى ( استقاء ) أي : تعمَّدَ القيء .
شروط المفطرات :
ولا يفطر بشيء من المفطرات إلا بثلاثة شروط :
1- الذِّكر ، فلو نسي فأتى شيئاً من هذه المفطرات فلا شيء عليه ، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه .
2- الاختيار ، فلو أكره على شيء منها لم يفطر .
3- العلم ، فلو جهل الحكم الشرعي أو الحال بأن صائم ، أو في زمن الصوم فلا شيء عليه ؛ لحديث سهل بن سعد رضي الله عنه .
مسألة : وأما الاكتحال ومداواة العينين بقطرة أو بغيرها ، فلا تفطر .
ولا يبالغ في المضمضة والاستنشاق بل يكره ؛ لأنه ربما ذهب الماء إلى جوفه ، لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث لقيط بن صبرة : (( وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً )) رواه أبو داود والترمذي وصححه ، والنسائي وابن ماجه .
والسواك لا يؤثر على الصيام ، بل هو مستحب ومرغب فيه للصائم وغيره في أول النهار وآخره على الصحيح .
ولو طار إلى حلقه غبار أو غيره لم يؤثر على صيامه .
ويجب على الصائم اجتناب كذبٍ وغيبةٍ وشتمٍ ، وإن سابَّه أحدٌ أو شتمه فليقل : إني صائم ، فإن بعض الناس قد يسهل عليه ترك الطعام والشراب ولكن لا يسهل ما اعتاده من الأقوال والأفعال الرديئة ، ولهذا قال بعض السلف : " أهون الصيام ترك الطعام والشراب " .
وينبغي للصائم أن يشتغل بذكر الله وتلاوة القران والإكثار من النوافل ، فقد كان السلف إذا صاموا جلسوا في المساجد ، وقالوا : "نحفظ صومنا ولا نغتاب أحداً" ، وقال صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه : (( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه )) رواه البخاري
أحكام القضاء
من أفطر في رمضان بسبب مباح ، كالأعذار الشرعية التي تبيح الفطر , أو بسببٍ محرم , كمن أبطل صومه بجماعٍ أو غيره , وجب عليه القضاء ؛ لقوله –تعالى- : } فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ { [البقرة: 184].
ويستحب له المبادرة بالقضاء ؛ لإبراء ذمته ، ويستحب أن يكون القضاء متتابعاً ؛ لأن القضاء يحكي الأداء , وإن لم يقض على الفور وجب العزم عليه , ويجوز له التأخير ؛ لأن وقته موسع , وكل واجب موسع يجوز تأخيره مع العزم عليه كما يجوز تفرقته بأن يصومه متفرقاً ، لكن إذا لم يبق من شعبان إلا قدر ما عليه فإنه يجب عليه التتابع إجماعاً ؛ لضيق الوقت .
ولا يجوز تأخيره إلى ما بعد رمضان الآخر لغير عذر ؛ لقول عائشة -رضي الله عنها- : (( كان يكون علي الصوم من رمضان , فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم )) متفق عليه ، فدل هذا على أن وقت القضاء موسع إلى أن لا يبقى من شعبان إلا قدر الأيام التي عليه فيجب عليه صيامها قبل دخول رمضان الجديد فإن أخر القضاء حتى أتى عليه رمضان الجديد فإنه يصوم رمضان الحاضر ، وقضى ما عليه بعده ، ثم إن كان تأخيره لعذر لم يتمكن معه من القضاء في تلك الفتره فإنه ليس عليه إلا القضاء ، وإن كان لغير عذر يستحب له مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم من قوت البلد لوروده عن الصحابة y .
وإذا مات من عليه القضاء قبل دخول رمضان الجديد فلا شيء عليه ؛ لأن له تأخيره في تلك الفترة التي مات فيها .
وإن مات بعد رمضان الجديد فإن كان تأخيره القضاء لعذر – كالمرض والسفر – حتى أدركه رمضان الجديد فلا شيء عليه أيضا .
وإن كان تأخيره لغير عذر وجبت الكفارة في تركته ، بأن يخرج عنه إطعام مسكين عن كل يوم .
مسألة : وإن مات من عليه صوم واجب كصوم رمضان أو كفارة كصوم كفارة الظهار والصوم الواجب عن دم المتعة في الحج وقد تمكن من القضاء فإنه يطعم عنه كل يوم مسكيناً ، أو يصام عنه ، ويكون الإطعام من تركته .
ما يلزم من أفطر لكبر أو مرض :
من لا يستطيع الصيام أداءً ولا قضاءًًً كالكبير الهرم والمريض الذي لا يرجى برؤه فهذا الصنف قد خفف الله عنه ، فأوجب عليه بدل الصيام إطعام مسكين عن كل يوم ، قال الله- تعالى – : } لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا { ]البقرة:286[ ، وقال- تعالى -: } وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ { ]البقرة:184[ ، قال ابن عباس – رضي الله عنهما – : ( هي للكبير الذي لا يستطيع الصوم ) رواه البخاري .
والمريض الذي لا يرجى برؤه من مرضه في حكم الكبير ، فيطعم عن كل يوم مسكيناً .
وهذا الصنف إذا مات فإنه يطعم من تركته مطلقاً عن كل يوم مسكيناً أو يصام عنه وجوباً إن خلف تركة، واستحباباً إن لم يخلف .
وأما من أفطر بعذر يزول كالمسافر والمريض- مرضاً يرجى زواله – ، والحائض والنفساء ؛ فإن كلا من هولاء يتحتم عليه القضاء بأن يصوم من أيام أخر بعد الأيام التي أفطر فيها ، قال – تعالى – : } فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ { ]البقرة:184[ .
مسألة : إذا صام المسافر في سفره فله ثلاث حالات :
الأولى : أن يشق عليه الصوم مشقة شديدة فيحرم عليه الصوم مع صحته لحديث جابر مرفوعاً ، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم : (( أولئك العصاة أولئك العصاة )) لمن صام مع المشقة ، رواه مسلم .
الثانية : أن يشق عليه الصوم مشقة يسيرة فيستحب له الفطر ، ويكره الصوم ؛ لحديث جابر رضي الله عنه وفيه قوله صلى الله عليه وسلم (( ليس من البر الصيام في السفر )) رواه مسلم .
الثالثة : ألا يشق عليه الصوم فالأفضل الصوم كما تقدم ؛ لصيامه صلى الله عليه وسلم ، ولأنه أسرع في إبراء الذمة .
مسألة : إذا صام المريض فله ثلاث حالات :
الأولى : أن يضره الصوم فيحرم عليه مع صحته منه ، لقوله-تعالى- : } وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ { ]البقرة: 195[ .
الثانية : أن يشق عليه فيكره الصوم ، للإعراض عن رخصة الله تعالى .
الثالثة : أن لا يضره ولا يشق عليه فيجب عليه الصوم ، لعدم العذر .
مسألة : ويجب الفطر على من احتاج إليه لإنقاذ من وقع في هلكة كالغريق ونحوه .
النية في الصيام :
ويجب على المسلم تعيين نية الصوم الواجب من الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر كصوم رمضان، وصوم الكفارة ، وصوم النذر بأن يعتقد أنه يصوم من رمضان أو قضائه أو يصوم نذراً , أو كفارة ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عمر رضي الله عنه: (( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى )) متفق عليه ، ولما روت حفصة – رضي الله عنها- مرفوعاً : (( من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له )) رواه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، وصححه ابن خزيمة ، والحاكم ، وغيرهم وصحح بعض الأئمة وقفه على ابن عمر – رضي الله عنهما

يجزاكي ربي كل خير :$

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.