الرياض ـ فاطمة عمر
من المعلوم أن اتباع الأهل سياسة الكتمان وإخفاء المعلومات عن الطفل، رغبةً منهم في حمايته من الصدمة قد يسبّب صدمة أقوى فيما بعد عند معرفته الحقيقة، كما أن عدم إطلاع الطفل بما يحوطه يحرمه من حقه في معايشة الموقف والشعور بالحزن كالآخرين من حوله.
وفي هذا الإطار، تنصح أستاذة علم النفس في جامعة الملك سعود مي أحمد الأم بإعداد طفلها لتلقي الأخبار السيئة، لافتةً إلى «أن تهيئة الطفل لا تشترط وجود حدث خاص بالأسرة، إنما يمكن شرح أحداث خاصّة بالأصدقاء أو الجيران وذلك حتى يدرك الصغير أن الدنيا ليست وردية دائماً إنما تتخللها أحداث تتطلّب منّا إظهار قوة التحمّل والصبر». وتقول: «مهما يكن عمر الطفل، يمكن شرح الأحداث له بطريقة تتناسب مع مفاهيمه وقدرته على الاستيعاب».
عند وفاة أحد الأبوين
وتعتبر وفاة أحد الأبوين من الأحداث التي من شأنها أن تؤثّر في حياة الطفل، وهي تشكّل واحدة من أشدّ الأحداث إيلاماً على الطفل والمحيطين به. ولذا، يجب أن يتم التعامل مع هذا الموقف بحذر شديد بصورة تراعي النقاط التالية:
< يتم إخبار الطفل في أقرب فرصة بغياب والده أو والدته، وذلك قبل أن يلاحظ غياب المتوفى ويبدأ في السؤال عنه، على أن يتم نقل هذه المعلومة إليه تدريجياً، وبما يتناسب وقدرة الطفل على فهم الموقف.
< يلتصق الطفل في هذه الحالة بأحد المحيطين به الذي يشبه من فقده، كخالته أو جدته وذلك لتعويض فقدانه لأمه، ويقترب من خاله أو عمه أو جده أو صديق والده للتعويض عن فقدان أبيه…
< من الأفضل عدم إخبار الطفل بالتفاصيل التي قد تزرع الرعب في داخله، إنما يفضّل أن يقال إن المتوفى انتقل إلى جوار ربه وهو سعيد هناك ويراقب تصرفاتك الحسنة ويسعد بها، ويطلب منه الدعاء من أجله.
< يجب عدم استبعاد الطفل عن مراسم الجنازة، علماً أن مشاركته تزيد من قدرته على استيعاب الموقف، ليعرف أن هذه هي النهاية ولا يعيش حالة انتظار رجوع المتوفّى التي تزيد من ألمه وألم المحيطين به.
< من الطبيعي أن يشعر الطفل بالخوف والقلق من هذا الخبر، وستدور إثر ذلك في رأسه علامات استفهام كثيرة. ولذا، لا بد أن نتحدّث معه كثيراً ونقنعه بأننا سنموت جميعاً، ونمنحه الفرصة للتعبير عن رأيه والإجابة على تساؤلاته ومناقشة أفكاره، على أن يكون الحوار مناسباً لعمره.
بعيداً عن الفزع
وتحذّر اختصاصية علم النفس مي أحمد من خطورة إطلاع الطفل على الأخبار السيئة بشكل مفزع، إذ مهما كان هول الخبر فقد تمر المحنة بعد مدّة، وإنما يبقى الخوف والصدمة والذكرى الأليمة في ذاكرة الطفل، وقد لا يستطيع نسيانها بسهولة. وقد تنتابه من جرّاء ذلك حالة من التوتر تتمثّل في سرعة خفقان القلب، والتعرّق الشديد، والدوار، وضيق التنفس، بالإضافة إلى حالات من الغضب الشديد بدون سبب واضح. وقد تظهر أعراض أخرى على الطفل كصعوبات في النوم، فتتخلّل أحلامه كوابيس مفزعة ويصاب بالتبوّل اللاإرادي. وفي هذه الحالة، يمكن الإستعانة بعلاج نفسي لتغيير حالة الطفل وعودته إلى مزاولة الحياة بشكل طبيعي.
وهنا يتوجّب على من تقع عليه مسؤولية إبلاغ الخبر السيئ للطفل أن يراعي السيطرة على أعصابه ومشاعره، مع التزام الهدوء والأخذ في الإعتبار نبرة الصوت وحسن استخدام الألفاظ التي تخفّف من شدّة الموقف.
…حتى يتجاوز المحنة
ومن الطبيعي أن لا يستوعب الأطفال الذين يبلغون العامين أو الثلاثة أعوام من أعمارهم الأخبار السيئة، فيما يتمكّن الأطفال الذين يتجاوزون الخمس سنوات من فهم موقف معيّن بدون أن يدركوا جيداً أبعاده. ولكن الشعور بالحزن أو الخوف أو القلق الذي تعيشه الأسرة ينتقل إلى الصغير مباشرةً. ولذا، يجب عدم الإستغراق في هذه المشاعر والإستسلام لها خصوصاً أمام الطفل، علماً أن أفضل الطرق التي تعين على تجاوز هذه المحنة تتمثّل في العودة السريعة إلى الحياة اليومية وتشجيع الطفل على ممارسة نشاطه الذي اعتاد عليه، والإبتعاد عن توريطه في تحمّل مسؤوليات تمثل له عبئاً جسمانياً ونفسياً زائداً، إنما يمكن إسناد بعض المهام البسيطة التي تناسب عمره وقدراته. ومما
لا شك فيه أن إشراك الطفل في مسيرة الحياة بحلوها ومرها يزيد من قدرته على تحمّل المسؤولية في المستقبل.
صوت الأم لإنذار الحريق
أشرف باحثون في جامعة أوهايو الأميركية على دراسة حثّت على استخدام أجهزة إنذار الحريق المزوّدة بصوت الأم، تدعو فيها أطفالها إلى ضرورة الإستيقاظ بسرعة من النوم لأن ثمة حريقاً في المنزل بدلاً من استخدام الصوت المفزع المعروف لأجهزة إنذار الحريق، وذلك بهدف حماية الأطفال من الفزع، وفي الوقت عينه تحذيرهم من الخطر.