ياوجَعي الضَائع ، عَلمنَي ألّا اشتَاق
.
.
.
حينَ رأيتُك تَبكَي للمَرة الأوَلَى ،
قَررت ان اكتُبك ، لأبكَيكَ دهرَا ،
ولَو عَلمت انَك تَقرأ كتاَبتَي لأعتَزلتُ الكَتابه ،
،
صمَتُ ، و صَمت ، وصمَت ، واشَياء كَثيرَه لا تَصلح للكَلام ،
واشَياء يُبكَيك جَدالَها او الصمَت عنَها ، كـ عَينَاك مثلاً
واشَياء اخَرى ، الصَمت من طقَوسها الواَجبه ، كالبكَاء علَى جُثمَان المَاضَي المُتعفن
لَماذَا الصَمت ؟
لأنَ الحَديث مُستَهلك ورَخيص وشَاق ايضَاً ،
لأن الصَمَت يَصلُبك في ذاكَرتي ولا يُصاَدرك إليَهم ،
لأن الصَمت عَنك فَضيلَه ، والحَديث عَنك غَير عَفيف ، ومُبتذل
لأنَ حُنجرتَي تآكَلت مُذ غَابت الاجَابات ، وجَف الكَلام ،
،
ثَمة كَثيرُ مَن الحُزن فِي صوَت اُنثى لا تَصلحُ للحُب ،
كَان حُبكَ مرآتَها التَي لَم تَكذب ،
وخَيبتَها الأولَى ، وقَوتها الأوَلى ، و عنَفوانَها الأسَبق
ونَذورهَا / آمَالٌ شَاهَقه ، لا تَطالهَا يَدُها القصيره ،
وجَدتك في كُل الاشَياء المُتبعَثره حوَلي ، وجَدتُك في الموسيَقى والحديث وحَتى الأحَلام
وحَينمَا تخَلصت منَها جمَيعها ، وجَدتك مُتشبثاً في كَفي
يا داَءً لا يُستَئصل عَن بضعَي ، كيفَ انت ؟!
،
رأَيتُك تَبكَي نَسيَاني ،
تَلم حَقائبَك المخَذوله ،
وبَعضاً من احاديثنَا الرثه ، وتَقطع اخَر تذكَرة للَسفَر ،
تُثير تَلك الأنُثَى ذهوَلك بهامَتها التَي لَم تنحَني ، وكَفها التَي لَم ترتَجف في حَضَرة غيابكَ
تُديرُ لك ظهرَها عامَان ، لتُكتبَكَ سرَاً ، وتَبكَيكَ دهرَاً ،
وفِي يمَينَها حكَايا كَثيرَه ، وعلَى الرَصيَف تَساَؤلات يقطعَها الشَك
والمَقاعد التَي كَانت تُشاركَني بك قد تحَدب ظهرُها في انتَظار الآتي
و ذاكَرتي تضَج بِك ، تُنازعَني عَلى نفَسي ، وانتَ منَي ،
فأفضُ الاشَتباَك واعَقد مَعها هُدنَة لـ تأجَيل الحَديث الذَي لا ينتَهي بَك
فتخوَن عَهدَها، وتركَل قلَبي حَين يُذكَر اُسَمك ، وتُشهَر بلقَطاتَك التَي توَهَمت نسيَانها
وتُخبئ لك صورَة تَضَعُها في مُنتصف عيني ،
لتُشاَرك وجَوههَم ، وتجَاورَهم حَين اتحَدث مَعهم
،
عَامان لَم تطَلع علَينا الشَمس ،
مُذ غَفت قُبلتَك على وجَعي وتأخَرت الحَياه ،
مُذ اصَبح الشَتاء فيها كثيفَاً ،
واللَيل اطَبق جنَاحَه علَينا حتَى استَراح ،
عَامَان ، لَم يَكُن طعَم الحَلوى كمَا كَان من قَبل
والنَوم اصَبحَ نَزالاً فِي سَاحَة الأحَلام التَي تسوَقك إلَيَّ تباَعَاً
فأصََحو بملَيء عاَطفتَي وحنَيني إليَك ،
عَامان ،
وركنٌ قاَحل فِي داَخلي لَم يَذق المَطر ،
ومَدينَة معمَوره آلَت للَسقوط
،
هَل جَربتَ اَن تَهرب مَن نَفسك ؟ !
تَلك مَعركَة لا يخَوضَها الا الأبطَال من الضعَفَاء ،
اُهرب مَاشئت من الحَياة والحُب والنَاس والحَظ التَعيس ،
فَتلك شؤون صغَيرَه ، لا تَدعَو للَقلق ،
ولَكَن ان تَهرب مَن نفَسك ، ذَلَك يعنَي انَك انَا ،
لا تَخشَى فِي الحَياة شئياً سوَاَها ،
تَقتُل الحُب في مَهدَه رضَيعَاً بجَنونَها ، ثَم تحَضن برَاءته ابد الدهَر
تُنَازع المَاضَي عَن نَفسَها ، وتغَار علَيها ، كَـ غَيرَة رجَل عَلى اَهل بيَتَه
تمَقت الاقتَراب والالتصَاق والاسَئلة ، تُحب نُبل الغُرباء ، وصَمت الغُربَاء ، وغَموض الغَرباء
تَبحَث فِي الجَوار عَن قلبَها الضَائع فلا تجَده ،
تُكثف البَحث في حَقيبة جارَتها و جَيب صديقتها ولا تجَده
تكَتب الرسَائل للمجَهولين ، و تلَقيها للَبحر
تُخاطب أهَل السمَاء كثيراً ،
وتُطيل النظر الى هناك حيث يسمَعها الله .. الله فقط
،
واللَهِ مادَق النسَيان إلَيَّ باباً الا وجَدَهُ مُحكَمَ الإغلاَق
اقرَأ الحُب في صُحفي واوراقي ، واذوق مرَارتَهُ في قهوتَي
وأُطوقه كالعِقد المُذهّب في عُنقَي ، فكَيفَ انسَاك ؟!
كَيف صَدقتَ كِذبتي الضَعيفه ، وانَتَ من علَمنَي كَيفَ اكَذب ،
كَيف لَم استَطع استَرداد قَلبي مَنك ، وانَا التَي تسَرق منَك قُبلات كَثيره في غَفوتِك
كَيف لَي ان اُمَارس الامَومَه مع المَاضَي وانا التَي لا تُحَسن اسكَات الصَبيه الثرثارين ،
كَيف تُحسن احتَلالي ،
وقَد مَر عامَان منُذ عَهد التحَرير مَنك ، ولَم اتحَرر حتَى من اورَاق حَلواك الفارغه
ياوجَعي الضَائع ، عَلمنَي ألّا اشتَاق
رااق لي فاصبح هنا
لصمتي…