تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » آدم هل يقبل أن تطلب يدَه حواء؟

آدم هل يقبل أن تطلب يدَه حواء؟ 2024.

آدم.. هل يقبل أن تطلب يدَه حواء؟
الحب.. الزواج.. شريك العمر، كلمات طالما تحلم بها حواء وتنتظرها، إلا أنالانتظار قد يطول، حين ذلك يداهمها هاجس اسمه "العنوسة"، فلا تلبث تلكالأحلام أن تنهار، حين ذلك لا تجد إلا أن تُقدِم على ما يخالف الأعرافوالتقاليد المتبعة في الزواج, وهو أن تقدم على تطلب يد آدم.

المرأة مطلوبة لا طالبة

وإذا أردنا أن نستعرض آراء بعض الشباب تجاه هذا الموضوع نجد أن آراءهم قدتراوحت بين التمسك بالعقلانية أو الهوائية، فهذه هي هبة ممدوح تقول: أرفضتمامًا هذه الفكرة؛ لأن كرامتي لا تسمح لي بذلك، كيف أرخص من نفسي أمامهم،فالرجال معروف أنهم هم الذين يبدؤون بهذه الخطوة؟!

أما أميرة أحمد فردت بالنفي التام للفكرة قائلة: مستحيل أقدم على هذهالخطوة؛ لأننا لو حدث وتشاجرنا يومًا ما بعد الزواج أو حدث شيء بيننا فإنأول ما سوف يعايرني به زوجي هو قوله: "أنت التي تقدمت لي!!".

ومن جهة أخرى تقول ملك شهبة: أرى أنه إذا كان إنسانًا يستحق وتأكدت من أنهلن يفهمني خطًا وأنه سيقدِّر مشاعري فسوف لا أتردد أن أخطو هذه الخطوة، لكنيبقى هناك عائق اسمه المجتمع، هذا المجتمع الذي سوف يترجم هذه الخطوةوكأنني قد رخصت من قيمتي أمام هذا الشخص.

وتقول ياسمين حسن: إن الناس في مجتمعنا قد اعتادوا على أن الرجل هو مَنيأخذ هذه الخطوة، حتى لو أن فتاة أرادت أن تخطوها فلن تستطيع التصرف، هذابالإضافة إلى أنه من الممكن أن يخدعها هذا الشخص أو يستغل ذلك لغرض فينفسه، أو ربما لأنها لا تعرف شخصيته وحقيقته، حينئذ سوف لا تلوم إلا نفسها،ولن يرحمها أحد.

عقلية الشباب

أحمد جمال –طبيب يقول: رأيي الشخصي: نعم، أقبل، وهو ما حدث بالفعل، فأتذكرأن سبب خطوبتي أن خطيبتي كانت معي بعمل تطوعي ما، وكنت أفكر بشدة في أمرالارتباط بها، ولكن لم أبدِ لها أي شيء، وكنا نلتزم جدًّا في حديثنا الآدابالشرعية والمنطقية العقلية حتى طلبت مني ذات يوم أخذ رأي بتدوينه لها قبلنشرها، وكانت مثل رسالة غير مباشرة نهائيًّا فاستأذنتها حينها بأن لاتنشرها وتقدمت لخطبتها.

ويؤكد أحمد بأن هناك فروقًا فردية، فليس كل شاب يتقبل هذا الأمر ويقدّره،فعقلية العامة من الشباب والغالبية منهم بالنسبة لهم هذا الأمر مرفوض،ويُسقِط الفتاة من نظرِه، والشيطان يلعب برأسه في أمور لا أصل ولا أساس لهاأصلًا، ويخاف من الإقدام على مثل هذا الأمر، فالشاب يريد أن يكون طالبًالا مطلوبًا، فإن طُلب ظن أنه الأعلى.

أما هشام، طبيب أسنان، فيقول: كانت أخت تتابع لديّ، وسألتني عن عدم الزواجإلى الآن، فقلت لها: أبحث عن مواصفات كذا كذا، فكان ردّها بأن تلك الموصفاتبها، فطرحت عليها نفس سؤالها، وأنتِ لمَ لمْ تتزوجي حتى الآن؟ فقالت: أبحثعن شخص ذي التزام وخلُق وعلم، فتقدمتُ إلى خطبتها في المساء، والآن نعيشحياةً سعيدة.

إصلاح مفاهيم المجتمع

عبد الرحمن نجم أبدى اعتراضه على العرف السائد بأن الرجل لا بدّ أن تكونالمبادرة في هذا الأمر من قِبله هو، معللًا ذلك بقوله: "الرجل طالب ومطلوبوالمرأة كذلك"، وإذا كانت من أقدمت على هذه الخطوة غير مناسبة بالنسبة ليفسأخبرها بذلك، لكن بطريقة دبلوماسية حتى لا أجرحها، ولو تمت الموافقة منقِبلي فلن أذكر لها هذا الأمر في المستقبل لأني مشتركٌ معها فيه بموافقتيعلى طلبها من البداية، فمن المستحيل أن أعايرها بأنها طلبت العفة لها ولي.

لا أحد في إيمان موسى

ويؤكد رجب أبو مليح (أستاذ الشريعة ومستشار شرعي) أنه لا مانع شرعًا أنتقدم الفتاة باللجوء للتعريض بالزواج، ولكن ليس مباشرة، بل عن طريق وسيط،ولكن الواقع والعرف يرفض المسألة، فقد تعارف لدى الشعوب العربية أن المرأةمطلوبة لا طالبة.

وأشار أبو مليح إلى أنه لا أحد سيكون في إيمان سيدنا موسى، سواء قبل أورفض، ويصون هذا الأمر ولا يتحدث فيه أمام الناس، فإذا لجأت الفتاة لوسيطيجب أن يكون موثوقًا فيه وذا عقل راجح، بحيث لو يرى أن الشاب لا يناسبهايخبرها بذلك، وإذا كان مناسبا فيكون العرض بطريقة لا يظهر فيها الفتاة فيالصورة، فإذا قبل الشاب فخيرًا، وإن لم يقبل فنكون قد صُنَّا الفتاة ورفعناعنها الحرج، فالوسيط يكون شخصا مذللًا للصعوبات والعقبات، بحيث أنه لووجدهما مناسبين يقنع الشاب بحكمة بتلك الفتاة، حينها سيظهر على أنه هوالمتقدم لها وليس العكس، كما كان الوضع، لكن إذا كانت عرضت الزواج هيبنفسها فيمكن لضعاف النفوس من الشباب أن يستغل الأمر ويعدها بالزواج ويتسلىبها ثم يتركها، ولا تستطيع أحد حينها على إجباره بطلب يدها، فهذا سيكونبمثابة إهدار للكرامة.

الأكلشيهات المستوردة المشبوهة

وتؤكد نجلاء محفوظ (استشاريه اجتماعيه) أن بعض الفتيات تقع تحت التأثيرالسلبي الذي ينادي بتحرير المرأة، تلك الاكلشيهات المستوردة التي يزينوهاأمام الفتيات، فيقوم البعض منهن بالإساءة لنفسها، وبذلك يمكن أن تدفع نفسهاعلى شاب "فتي الأحلام" وتعارض وبشدة إذا أخبرها أخوها بأن فتاة طلبتهللزواج، وأول كلمة تقولها: "لو تقدم لها أحد غيرك لما أقدمت على هذا"، أوبطريقه أكثر تأدبًا: "احذر منها فإنها جريئة أكثر مما ينبغي".

وتهمس نجلاء بالنصح لأي فتاة تفكر بهذا الأسلوب بكل الود والاحتراموتسألها: لماذا تبخسين من قيمة نفسك وتسمحين لهذا الشاب بالتقرب لك؟ أرىأنك "أغلى"؟.

وتقول محفوظ عن قصة عايشتها امرأة أقدمت على هذه الخطوة وتزوجت: "أهنتنفسي، فهو يُسمعني عند كل خلاف بأني من تقدمت له وجريت خلفه"، فكان أهونعليّ وأكرم أن أظل بدون زواج.

وتشير نجلاء لاستطلاع الرأي من خلال لقاءات تليفزيونيه وإذاعيه، فقد واجهتنسبة كبيرة ممن يدافع عن هذا الأمر ويرحب به من قبل الرجال "طرح الفتاةنفسها للزواج" فكان سؤالي: "هل ترضى لأختك هذا؟" فكانت الإجابة جماعية كماكان القبول جماعيا، لكن مع اختلاف الرد هذه المرة، فكان "لا"، لذا فكانالقبول في بادئ الأمر مجرد إرضاء لغرور الرجل، ولكن ماذا بعد إرضاء الغرورالبحث عن أخرى لإرضاء الغرور؟ وفي الوقت نفسه إذا أعجبت الفتاة بشاب يجب أنتتأكد إن كان مرتبطًا أم لا، فبعض الشباب العابس يستغل الأمر بشكل مهينعاطفيًا وجسديًا، فيلقي بطعم الزواج على أكبر عدد من التنازلات الجسدية،وأما الفتاة التي تشعر بالإعجاب وصيانة نفسها لا يوجد أمامها سوى حل، ولاأرحب به، ألا وهو وساطة سيدة أمينة للغاية، لكي تلفت نظر الشاب إليها،وأرفض أن تلجأ لرجل مهما كان قربه لأنه سيسيء لها، ولأن من أسس الزواجالناجح أن يبذل الشاب الجهد ليفوز بها ويكون كلا الطرفين مقتنعا.

القدوة الحسنة

وتقول ماجدة شحاتة (استشاريه اجتماعيه): إنه لابد قبل أن نجيب بنفي أوإثبات أن نفهم طبيعة الشيء ومقتضى هذه الطبيعة، ثم بعد ذلك نطبق ما يرادإنزاله على الشيء، من حيث اتفاقه أو اختلافه معه. فالقاعدة العامة هي مايقاس عليه والاستثناء ليس محلًا للمطالبة بالتعميم، ولا يعد مسوغًا أومبررًا للإطلاق. فقد خلق الله الإنسان ذكرًا وأنثى، وهيأ فيه كل نوازع ميلكل للآخر، وظل الرجل هو الطالب والراغب، والمرأة هي المطلوبة والمرغوبة علىالدوام، مما لا ينافي الفطرة البشرية على مدى عصورها، واختلاف أديانهاومعتقداتها. فالنساء للرجال خلقن ولهن خلق الرجال، وبرغم عدم الاستغناء إلاأن الرجل ظل في مكانه هو الباحث عنها بمقتضى تركيبه الغريزي، وظلت هي لاتبرح مكانها في انتظاره راغبًا وطالبًا.

وتؤكد ماجدة بأنه يجب الاعتداد بابنة سيدنا شعيب، برغم أنها لم تصرح لسيدناموسى، بل جاءت تزكيتها له في سياق خاص، وهو رغبتها في التخفف من مهمةالخروج للسقيا، وكان هذا على غير عادة القوم، إذن لا يمكن الجزم بأنهاأشارت إلى استعماله من أجل أن تتزوجه أو تلميحا لأبيها بالزواج منه، وعلىصحة هذا التوجه فهي لم تتوجه للرجل مباشرة ـ سيدنا موسى ـ بل غلفت رغبتهاإن صحت بطلبها استعماله في كفايتها وأختها مئونة الخروج، وكون سيدنا شعيبفطن لذلك من ابنته، فهو أيضًا عرض ابنتيه ليختار هو، هذا هو الصحيح فيالاختيار، إذا جاء من أب يتلمس الصلاح فيمن رضيه زوجًا لابنته.

وتشير ماجدة شحاتة إلى أن ما حدث مع أمِّنا خديجة رضي الله عنها هو توفيقإلهي، لكنه سار أيضًا بضبط يحفظ للمرأة حياءها وكرامتها، فقد ارتضته صلىاله عليه وسلم زوجًا لما رجحته فيه نتيجة رصد حي وواقعي من خلال الخير،وأوحت برغبتها لصديقة لها، والأخيرة قامت بالمهمة في وعي تام بما يحفظلخديجة رضي الله عنها الكرامة. إذن هي حالة خاصة لرسالة إلهية تمت على عينالله وتوفيقه. فلا يقاس عليها إلا بشروطها وكمال ضبطها وحرصها على حياءوكرامة المرأة.

وتؤكد ماجدة أن المسألة ليست إعجابًا، بل يجب أن تكون تحققًا من خلق ودينقام عليه اختيارها وميلها إلى الشاب، ودوافع لجوء الفتاة لهذا يرجع بالطبعإلى انفتاح إعلامي ومجتمعي أدى إلى بروز ظواهر وأخلاق جرأت على خطاب المرأةللرجل وخطابه إليها. ثم انعكست دعاوى المساواة على ممارسات لم تكن معهودةفي حدود العلاقة بينهما. ولاشك أن البطالة تسببت في اغتنام الفتاة فرصة شابمؤهل للزواج، حتى لا يطول أمد انتظارها لقادم قد لا يأتي. وبالطبع فإنالاختلاط يظل السبب الرئيس في تعرف المرأة على الرجل والمقارنة بينه وبينغيره، والوقوف على سلبياته أو إيجابياته، واللجوء للوسيط لابد أن يتسم بوعيوأمانة، لتحقق المهمة في ستر وحفظ للكرامة. وأعتقد أن هذه المهمة محفوفةبكثير من المخاطر، نظرا لسطحية الفتيات ونقص النضج النفسي والعقلي، ليقومالاختيار على مبادئ وليس على هوى. ثم هي مهمة مهددة بعدم قبول الرجل لامرأةمن هذا النوع، فالمجتمع لا يتقبل مثل هذا السلوك، ويسيء الظن بصاحبته إنلم تكن رغبتها كانت عن طريق أحد الوالدين أو الإخوة الذكور. الفتاة وحدهالا تستطيع تقدير ما يناسبها، وخاصة في مسألة الزواج، يمكنها أن تلمح أوتصرح لطرف من أهلها على أن يتولى هو هذه المهمة بشكل محترم.

آدم.. هل يقبل أن تطلب يدَه حواء؟

الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.