كان منذر يحب الزراعة كثيراً، وهي إحدى هواياته المفضّلة إلى نفسه، والتي يمارسها يومياً بعد الانتهاء من واجباته المدرسية، حيث يقصد بستان والده الصغير، يقلّم الأغصان، ويغرس الورود، ويقلب التربة، وينثر البذار، ويروي المزروعات.
منذ فترة، ذهب مع والده إلى أحد المشاتل الزراعية وأحضرا كميّة من شتلات البندورة، قاما بزراعتها وسقايتها.
قال منذر:
– أنا سأهتم بها، وأراقب نمّوها.
وكم كان سعيداً وهو يراها تكبر وترفع رأسها نحو الشمس. بعد مدّة من الزمن، وحين شارفت الأغصان أن تعقد ثمار البندورة، بدأت الشتلات بالذبول، فانحنت السيقان، ومالت الأوراق نحو الأرض.
حزن منذر، ونقل مشاعره إلى أبيه مستغرباً ما حصل:
– أنا لم أقصّر بالعناية أو بالسقاية.
اتجه الوالد نحو المساكب، انكبّ فوقها متفحّصاً، ثم رفع رأسه ليقول:
– لقد عرفت السبب.
– ماهو..؟
قال منذر متلهّفاً.
– لقد نبتت إلى جانب كلّ شتلة نبتة طفيلية، التفت حول ساقها، وغرزت فيها أشواكاً كالإبر، وأخذت تمتصّ غذاءها.. لذا فقد ذبلت الشتلات، ولم تقدر على الإستمرار في نموّها الطبيعي.
– ما اسم هذه النباتات الطفيلية يا أبي؟.
– للطفيليات أسماء عديدة.. لكن النوع الذي يلتف حول غراس البندورة تحديداً اسمه "الهالوك".
– وكيف نستطيع القضاء على الهالوك؟
– بتعقيم التربة، ورشها بالمبيدات المخصصة له قبل الزرع.. وقد فاتنا أن نقوم بهذه العمليّة.
– سأستفيد من هذه التجربة، فلا أدع الطفيليات المفسدة تقضي على إنتاجنا..
فرح الأب باندفاع ابنه نحو الأمور المفيدة، واهتمامه بالزراعة… وتمضية وقت فراغه بهواية محببّة.. أكمل حديثه معه قائلاً:
– بماذا تشبّه هذه الأعشاب الضارة يا منذر؟.
فكر منذر قليلاً.. ابتسم مجيباً:
– إنها كرفاق السوء تماماً.. يصاحبوننا، ثم يسيئون إلينا.
– أحسنت.. وكيف نتصرف تجاههم؟
– نبتعد عنهم، ونجنب أنفسنا أذاهم.