احكِ لي يا جدّي حكاية جميلة من حكاياتك الجميلة.
قال الجد:
اسمعي هذه الحكاية يا فاطمة..
توجَّه ثريٌّ محسن طيّب القلب إلى بستان له، فرأى في طريقه داراً تحترق، وشيخاً يبكي ويولول وحوله نساء وصبيان يتصارخون، فسأل عنه فقيل له:
هذا رجل تاجر احترقت داره وافتقر.
ففكر ساعة ثم قال لأحد أعوانه:
ترى هذا الشيخ الذي تألمت لحاله وتنغّصتْ عليّ نزهتي بسببـه
ولا أستطيع التوجه إلى بستاني إلا بعد أن تضمن لي أني إذا عدت من النزهة، وجدت الشيخ في داره وهي كما كانت مبنية، مجصصة، نظيفة وفيها أصناف المتاع والأثاث كما كانت، وتشتري له ولعياله كسوة الشتاء والصيف.
فقال الرجل:
مدني بما أحتاجه من النقود، وأحضر لي من أطلبه من الصناع.
فقال الثري:
لك ما أردت.
وما أن حل وقت العصر حتى سقفت الدار وجصصت، وثبتت الأبواب، وأرسل الرجل إلى الثري يسأله التوقف في البستان. فبيضت الدار، وكنست وفرشت ولبس الشيخ وعياله الثياب، ودفعت لهم الصناديق مملوءة بالأمتعة.
فمر الثري الطيب والناس قد اجتمعوا كأنهم في يوم عيد، يضجون بالدعاء له.
فتقدم الرجل الثري وأعطى الشيخ مبلغاً من النقود، ثم سار إلى داره.
نهضت فاطمة إلى المطبخ، وجاءت بقربة فيها زيت، وقدّمتها لجدّها وهي تقول:
وأنا أريد أن أكون كريمة.. خذ هذا الزيت يا جدّي، وأعطه لجارتنا الفقيرة.
.. الهدف من القصة ..
.. تابع للصدقة ..
المال مال الله عز وجل، وقد استخلف ـ تعالى ـ عباده فيه ليرى كيف يعملون، ثم هو سائلهم عنه إذا قدموا بين يديه: من أين جمعوه؟ وفيمَ أنفقوه؟
تحفظ الصدقة المال من الآفات والهلكات والمفاسد، وتحل فيه البركة، وتكون سبباً في إخلاف الله على صاحبها بما هو أنفع له وأكثر وأطيب
قال تعالى : ( وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين ) {سبأ: 39}
صاحب الصدقة والمعروف لا يقع، فإذا وقع أصاب متكأً
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات"