تربية المراهقين لها اصول 2013 ، المراهقين كيف تتعاملي معهم 2024
وتضيف الاختصاصية: «في خضّم هذه النزعة إلى الاستقلالية يعتبر المراهق أن مساعدة الأهل تدخل، والنصيحة تسلّط، وتوجيه النقد إليه إهانة. فيعترض على أهله في كل ما يقولونه، وإذا لم يوافقوه الرأي أو ينفذوا رغبته يصفهم بأنهم جيل قديم وغير منطقيين لا يحسنون الحكم على الأشياء إلى حد الغباء. فمن المعلوم أن التغيّرات الجسدية والنفسية والفكرية التي تحدث في مرحلة المراهقة، يصاحبها الكثير من الاضطرابات التي يعبّر عنها بسلوك إما عدواني أو فوضوي وإما تهكّمي مبالغ فيه. و تكون وقاحة المراهق تعبيرًا عن توقه إلى التحرر وإثبات وجوده ولكن بشكل سلبي، وبالتالي تشير هذه الوقاحة إلى شعوره بالألم والحزن واليأس و الصراعات الداخلية التي يعيشها . وما سلوك التمرد والمكابرة والعناد والعدوانية سوى رد فعل على سلطة الأهل الذين يرى المراهق أنهم يستخفّون بقدراته التي يعتبرها مساوية لقدرات الراشد. فيبادلهم الانتقاد ويجادلهم في أمور تافهة، وقد يصل إلى حد الصراخ في وجههم وأحيانًا الشتم. ومن المؤكد أن هذه الطريقة فوضوية وغير لائقة لكنه يريد أن يعبّر عن مشاعره بوضوح فيستعمل الاستفزاز كلغة خاصة به. وهو بذلك يضع مسافة بينه وبين أهله، لأنه يبحث عن استقلاليته ولكنه في الوقت نفسه في حاجة إلى الشعور بالأمان. وهكذا فإن المراهقين الأكثر وقاحة غالبًا ما ينتابهم شعور بالصراع الداخلي وهم أيضًا الأكثر اعتمادًا على الآخرين».
وتشير جريديني إلى أن الوقاحة قد تشكل بالنسبة إلى المراهق «متراسًا» ضد المشاعر المعقّدة التي تجتاحه وهي أيضًا طريقة لتطوير الإحساس بهويته الخاصة، ويريد التحرر من التربية التي تلقّاها من أهله. أريد أن أتكلم بالطريقة التي أريدها، وأريد أن أفعل ما يحلو لي…». وهو باستعماله هذه العبارات الاستفزازية يختبر قدرة أهله على مقاومة أهوائه واحترامهم للقوانين العائلية التي وضعوها.
إلى حد ما، تعكس اللغة والحوار والكلمات التي يتفوّه بها المراهق مشاعره الدفينة. فمن خلال هذه الطريقة في التعبير يحدّد رغبته في تشكيل هويته، وتعزيز شعوره بأن لديه كيانًا خارج إطار العائلة. ولكن في غالب الأحيان يقول عبارات لا تعبّر عما يريده، فيجد صعوبة في معرفة ماذا يريد وفي فهم ما يشعر به، فلا يجد الكلمات والحجج ليدافع عن وجهة نظره في مواجهة والديه، فتصبح الوقاحة والكلمات المستفزة الطريق الأسهل بالنسبة إليه لتجنيب نفسه الانقياد لمشاعره وعدوانيته المستترة. فالعبارات التي يطلقها على والديه أثناء احتدام الحوار معهم مثل «أنتم ظالمون، مملون…». والعبارات الهدّامة التي تصدر من الأهل غالبًا ما تنهي المحادثة بطريقة قاسية، لذا فعند أقل ملاحظة من الأهل أو حدوث توتر يمكن أن يثار تصرف وقح. ويرى بعض الاختصاصيين أن إطلاق العبارات أو المفردات الوقحة طريقة بديلة للسلوك أو التصرف العنيف. فأحيانًا شتم زميل في المدرسة أو في النادي الرياضي يسمح بتجنب التحول إلى الفعل العنيف.
بالطبع لا، وإلا لكان كل المراهقين وقحين، بل للأهل دور في ازدياد درجة الوقاحة عند ابنهم المراهق، وأحيانًا كثيرة يكونون سببًا رئيسيًا لوقاحته. ويمكن تحديد سلوك الأهل المعزز لوقاحة المراهق بالآتي:
– ماذا على الأهل أن يفعلوا؟
أن يكونوا المثال. لذا عليهم التنبه إلى أسلوب التخاطب في العائلة، فالمراهق يميل إلى نسخ طرق تعبير الراشدين، معتقدًا بذلك أنه يظهر لأهله أنه أصبح ناضجًا. لذا فالقليل من الاستفزاز أمرطبيعي في هذه السن، وعلى الأهل ألا يبدوا انزعاجهم أو يثوروا على ابنهم في كل مرة يتحدّث باستهزاء، فهذا يؤدي إلى تصعيد الأمر وتعقيد المشكلة. ولكن عليهم في الوقت نفسه تنبيهه إلى الكلمات القاسية التي يتفوه بها، فعليه أن يفهم أنه من المهم مراقبة أقواله وأفعاله، وأن أمام أهله ليس كل شيء مسموح. إذ لديه الحق أن يكون غاضبًا، ويعبّر عن نفسه بحرية ولكن باحترام ومن دون فظاظة، كما من الممنوع تبادل الشتائم بين الأصدقاء والأخوة. فمن الضروري أن يفهم ضرورة احترام الآخرين ووزن كلماته.
وتشدد جريديني أخيرًا على ضرورة أن يتجنب الأهل التعامل مع ابنهم المراهق كما الطفل، بل عليهم أن يعتمدوا طريقة تعامل قائمة على الحوار الحقيقي بعيدًا عن التنافر، فليس المطلوب أن يلبي الأهل رغبات ابنهم بل تفهم وجهة نظره مما يشعره بأنهم يعترفون بوجوده وفي حقه بالتعبير عن آرائه. فمن الضروري أن يشعر المراهق بوجود آذان صاغية وقلوب منفتحة لا مجرد مجاملة ومداهنة ومسايرة لفض النزاع
تربية المراهقين لها اصول 2013 ، المراهقين كيف تتعاملي معهم 2024
تربية المراهقين لها اصول 2013 ، المراهقين كيف تتعاملي معهم 2024