شهادة الدكتوراه أم شهادة الزوج ؟
تقول إحداهن : كنت قد حصلت على الشهادة العالية ( الدكتوراه ) ولم تكن واحدة من قريباتي أو جاراتي حازت ما حُزته أو نالت ما نلته من شهادة
غير أن كُليمات من زوجي في اجتماع عائلي كانت أغلى عندي من شهادة الدكتوراه ! وأكثر فخراً منها
وتمضي قائلة : لقد أحسست بتلك الكلمات وكأنها تاج فَخَار على رأسي
وقد تتساءلون : ماذا قال لها زوجها ؟
ما هي تلك الكلمات التي فاقت شهادة الدكتوراه ؟
لقد قال لها : سَلِمَتْ يداك .. لقد كان طبخك اليوم رائعا موفّقاً !
قال لها ذلك وهي بين أخواته وأمهاته
فأحسّت أنها سيدة الموقف !
وأنها استطاعت أن تكسب رضا زوجها
وأنها أتقنت ما صنعت
ولو كانت تلك الكلمات بين الزوج وزوجه بعد صنيع طعام أو حتى شراب لكان لها أبلغ الأثر وعظيم الوقع في نفس الزوجة
ولذا كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما عاب طعاما قط ؛ إن اشتهاه أكله ، وإن كرهه تركه . كما في الصحيحين .
فهل يضير الأزواج أن يفعلوا كما فعل ؟
وأن ينهجوا هذا النهج ؟
إن الزوج العاقل من يكسب قلب زوجته بكلمة أو بكلمات لا تُكلّفه شيئا !
بل ويكسب الحرص والاجتهاد في كل مناسبة على إتقان العمل
فإذا علمت الزوجة أن زوجها سوف يُثني عليها اجتهدت فيما تعمل
وفي المقابل إذا علمت أنه لا يهتم ولا يكترث – اجتهدت أو قصّرت – فإنها لن تُعير ذلك أدنى اهتمام !
ومن هنا كان حديث الرجل أهله من مثل ذلك لا يُعدّ كذباً
قالت أم كلثوم بنت عقبة – وكانت من المهاجرات الأول اللاتي بايعن النبي صلى الله عليه وسلم – سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول :
ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس ويقول خيرا وينمى خيرا ، ولم أسمعه يُرخِّص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث : الحرب ، والإصلاح بين
الناس ، وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها . رواه البخاري ومسلم .
حديث الرجل امرأته
وحديث المرأة زوجها
قال الحافظ في الفتح : قال الطبري : ذهبت طائفة إلى جواز الكذب لقصد الإصلاح ، وقالوا : إن الثلاث المذكورة كالمثال ، وقالوا : الكذب المذموم
إنما هو فيما فيه مضرة أو ما ليس فيه مصلحة . وقال آخرون : لا يجوز الكذب في شيء مطلقا ، وحملوا الكذب المراد هنا على التورية والتعريض كمن
يقول للظالم : دعوت لك أمس ، وهو يريد قوله : اللهم اغفر للمسلمين . ويَعِد امرأته بعطية شيء ، ويريد إن قدر الله ذلك ، وأن يظهر من نفسه قوة .
ثم قال : واتفقوا على أن المراد بالكذب في حق المرأة والرجل إنما هو فيما لا يسقط حقا عليه أو عليها ، أو أخذ ما ليس له أو لها .
وقال الإمام النووي : وحاصله أن يأتي بكلمات محتملة يفهم المخاطب منها ما يطيب قلبه .
فهذا مما راعته الشريعة الغرّاء لما يترتب عليه من المصلحة
فالشريعة لم تُهمل حتى حديث الرجل مع امرأته ، أو حديث المرأة مع زوجها
وقد قلت مرة لمحدّثي : لا يكون في حديث الرجل مع امرأته صريح الكذب ، فلا تكون من أقصر النساء ، فيقول لها : أنت أطول من زرافة !!
فماذا يضير الزوج الحصيف أن يكسب قلب زوجته بكلمات معدودات ؟
وماذا عليه لو أذهب عن حليلته التّعب والنّصب بكلمات يطيب معها قلبها
ولو نظرنا في أنفسنا لحرصنا على ذلك
فانظر في نفسك كم للكلمة الطيبة عليك من أثر ؟
ماذا لو عملت عملاً ثم قيل لك : أحسنت ؟!
وماذا لو عملت عملاً للآخرين ثم لم تُقابل إلا بالصّمت ؟!
إن قول : ( أحسنت ) للمحسن مما يجعله يزيد في الإحسان
ولذا قال عليه الصلاة والسلام : من صنع إليكم معروفا فكافئوه ، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه . رواه الإمام أحمد
وأبو داود والنسائي .
والثناء على المُحسن من حُسن المكافأة ، ومِن مُقابلة الإحسان بالإحسان .
ورب كلمة سَلَتَت التّعب وأزالت النَّصَب وأذهَبَت الإعياء !
,,
كتبه:
الشيخ عبد الرحمن السحيم
مشكووووووووووووووووووره