قررت دائرة الأراضي, مصادرة أراض زراعية تعود ملكيتها لبعض الحيوانات القاطنة في إحدى القرى النائية, وذلك من أجل بناء سكة حديد وتمرير قطار يتقل البضائع المختلفة لسكان المدن المجاورة.
عندما طار خبر السكة الحديدية, هبت الحيوانات من كل حدب وصوب, ووجهتها الساحة العامة للقرية, للتباحث في الأمر, كعادتها في كل مرة.
انتدب المجلس االبلدي القرد, بليغ اللسان وعضوها الفعال, ليفتتح دائرة النقاش. فبدأ يسهب في توضيح الخطة, أبعادها ومخاطرها على القرية, وقد اختتم كلامه, بقوله: "إن السكة الحديدية إعتداء فاضح على أراضينا, وهي تشكل خطرا جسيما على الحيوانات الصغيرة تحديدا, لأنها لا تعي بعد كيفية الإلتفات يمينا وشمالا".
فقاطعه الثعلب المكار, بقوله : " أنا لا أرى أن السكة الحديدية تشكل خطرا على أحد, بل انها ستحدّ من سرعة الأرانب السريعة".
رفع الفهد يده, وهو تاجر حبوب, وقبل أن يعطى له حق الكلام, تفوه قائلا: "إن لهذه السكة إيجابيات كثيرة. حيث انها ستجعل راكبي القطار يلتفتون إلى قريتنا المنسية, علّهم يفكرون في إقامة مشاريع تجارية فيها, تعود بالفائدة علينا جميعا".
أما السلحفاة, فالجميع عرف موقفها سلفا. فهي الخائفة دوما, والبطيئة طبعا. والتي قد تسيرعلى السكة دون أن تعرف موعد قدوم القطار, فتداس وتقتل بدم بارد.
وجاء دور القطط, والتي تجمعت واتحدت وأخرجت مواء واحدا بفم ملآن: "نحن مع السكة الحديدية, لأنها ستبعد الفئران الشرهة عن أراضينا, وتتوقف غصبا عنها عن التهام محصولنا. فأهلا وسهلا بالقطار وبالسكة الحديدية". رددت القطط.
فكر قطيع الماعز مليا, ثم أردفت كبيرتهن قائلة: "كيف لنا أن نعبر الى الجهة الأخرى لنرعى؟! وأنتم تعرفون أن لا وجود لطعام لنا في منطقتنا, فنقوم يوميا بإحضاره من هناك, ومع وجود السكة الحديدية, سيصبح الأمر محالا".
فنهرها الذئب بعوائه: " الا فاسمعي أيتها الماعز العجوز. صبرنا عليكنّ كثيرا. تتناولن طعاما دون عناء, بينما نحن نهلك ونتعب للحصول على قوتنا. عليكن بعد اليوم البحث عن قوتكن بعرق جبينكنّ, وبتعب وكدّ شديدين". ,
هذا ولم ينتظر احد موقفا من الفيل الذي ظل يشخر طوال الوقت. وما ان استفاق, إعتذر خجلا, وعاد إلى بيته ليكمل نومه العميق.
وما هي إلا أسابيع معدودة, حتى تم إنجاز السكة الحديدية, والتي أقيمت على أراض زراعية كثيرة, فخربت المزروعات كلها.
فامتنعت السلاحف عن الخروج من بيتها, وتوقفت حركة الأرانب.
وأخيرا مات قطيع الماعز, خرت الواحدة تلو الأخرى, ولم يبق من الحيوانات, سوى أعداد قليلة جدا, ما زالت تستنشق حتى اليوم دخان القطار المميت.