إن هذا الفهم السقيم، والاعتقاد الخاطئ يجعل أولئك الزوجات يُسلِّمن بهذاالوهم المستقر في نفوسهن وعقولهن، بل ويتمادين فيما هُنَّ فيه من البغيوالعدوان، ولا يعلمن بأن الطَّرْق على خفتهيُثير الشرّ، وأن الزوج الحكيموالعادل لا يكون متسرعاً في أحكامه أو مندفعاً في قراراته، ولكنه يظلدائماً في حالة تقييم للأمور وتحليل للأحداث ودراسة للمواقف.
فَتراه يأخذ دور المتأملِ تارةً، والناصحِ تارةً، والمعلقِ تارةً، والعاتبِتارةً، والغاضبِ تارةً، والهاجرِ تارةً، وخلال كُلِّ تلك التارات تجدهيُخزِّن في ذاكرته كل ما يجري من أحداث دون أن يكون له أي ردة فعل آنية سوىالتماس السبعين عذراً لشريكة حياته.
فلربما كانت هذه التصرفات عفوية، أو ربما أنها وليدة لحظة انفعالية، أونتيجة ضغط ما، أو أنها مجرد حالة نادرة، أو هفوة عابرة، أو موقف طارئ أو،أو.. الخ تلك الأعذار التي يستلزمها كمال التدين، وحسن الخلق، وتقديرالعشرة، واحترام العلاقة، فإذا كانت الأمور كذلك فرح واستبشر، ونظر إلىالمستقبل بنظرة التفاؤل والأمل، بل والرغبة القوية في الاستمرار.
أمَّا إذا وجد أن شريكة حياته تقضي على تفاؤله، وتخيّب أمله، وتُجبره علىإدراك حقيقةٍ طالما تحاشاها أو تعمّد عدم تصديقها، وهي أن كل ما يحدث لهليس كما يعتقد من حُسن الظن وجميل المحمل، فهذه التصرفات إنما تعبّر عنسماتٍ حقيقية في شخصية شريكته، غلبت على فطرتها السليمة، وأفقدتها طعمهاالمتميز ولونها البهيج، وأن عليه أن ينتظر منها المزيد في قادم الأيام، حتىولو استنفد كل ما لديه من مخزون العقل والحكمة، فهذه هي حياته التي لنيتغير فيها شيء، ولن يكون له فيها ما يتمنى، فإن رضي فله السخط، وإن سخطفله السخط.
عندها سيجد ذلك الزوج الحليم أنه قد أُسْقِط في يديه، ولم يعد أمامه منخيارٍ سوى أن ينأى بنفسه عن تلك الشريكة التي لا تستحقه، وأن عليه أن يحزمحقائبه مُعلناً الرحيل وإلى الأبد، فللحياة بقية، ومن حقه أن يعيشهابسلام!!