ويتركها عند برادات الماء التابعة للمسجد فيأخذها العمال وينتفعوا بها !
إنَّهُ العطـاء ,
لهُ أهلٌ قد شُغفوا به و مالت أنفسُهم إلى ماعند الكريمِ الرحمن سُبحانه
فتاقت أرواحُهُمْ وتطلَّعتْ إليهْ , وسارتْ في كُلِّ دربٍ مُوصلٍ إليهْ ,
حتى ينتهي بهم الدرب إلى جنةٍ عرضها السماوات والأرض أُعدت للمُتقين !
لا عجب ! .. ألم يقل الله تبارك وتعالى :
{ وَأَنْ لَيْسَ للإنسَانِ إلَّا مَا سَعَى وَأَنّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ! } ؟
إنَّ العظماء والنُّبلاء وأصحاب النُّفُوس الكبيرة لا تكاد أعينهم تقرّ بنعيم
ولا يستقيم له حال ولا يطيب لهم عيش إلا بالعطاء ..
فتراهُم أولي أرواح نديَّة وأيدٍ سخيَّة و أخلاقٍ عشبيَّة و ابتسامة ماطرة
و قُلُوبٌ بالحُبِّ والبذل زاخرة .
باختصار / هُم غيْثٌ لا ينقطعْ ! .. فلاريب أن يكُونُوا
هُم أسعد الناس وأحسنهم خلقا !
وأذكر أنَّ بعضهم عرَّفَ: الخُلقَ الحسنَ بأنَّهُ
كفُّ الأذى و بذل الندى (العطاء) و الصبر على الأذى و الوجه الطَّلق !
ولنا في رسُول الله صلى الله عليه وسلم أُسوةٌ حسنة حيث كان من
أسخى الناس و أجودهم وأكرمهم ,
أما قالت له خديجة رضي الله عنها مُخفِّفةً عنه وَ مُثبتةً له :
[ كلا أبشر ، فوالله لا يخزيك الله أبداً .. !
إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق ] !
فكأنَّها تقول لا تحزنْ ,
فـما جزاء الإحسان إلا الإحسان !
نعم والله .
فالعطاء قِبْلَةُ السعادةِ و التوفيق كما هي الأعمال التطوعيَّة
إذ تبقى دائِمًا تنضح بالخير حتى أنَّهُ صلى الله عليه وسلم ,
حينما جاءه رجلٌ يشكو قسوةَ قلبِهِ، أوصاهُ أنْ / إذا أردتَ أن
يلين قلبك و أن تدرك حاجتك فامسح رأس اليتيم، ..!
– إنَّ من الجميل أن يُعطي الإنسانُ بلا أسباب ولا مناسبات ولا
ينتظر الشُّكر ولا رد الجميل ولا يتوق إلى المقابل..
فإنَّهُ إذا ألزم نفسه بهذه السياسة وتدربت روحه و مرنت مع هذه الرياضة
أفلح و فاز برضا الله ومحبته ..
ومن الذي ينشد غيرها ؟!
والله هذه هي الغاية وأصحاب الهمم العالية و المطالب الغالية
لا يلتفتون إلى أي ردٍ للإحسان مُقابل الإحسان الأكبر من الرحيم الرحمن فإنَّ العُمر
يفنى و الأنفاس تُعدّ والأيام تنقضي !
فرابح أو خاسر..و لمن أعطى وأعطى فمات و الذكرُ يُخبر
أنَّ ما كان هوَ لله ثُمَ للتاريخ ؛ فليشهد .!
– إشــارة
فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها .. فالذكرُ للإنسانِ عمرٌ ثاني ,