مرض متعدد الأسباب لا تستجيب كل أنواعه للعلاج الهرموني
سباق رياضي اوروبي لقصار القامة اقيم في بلفاست في ايرلندا الشمالية العام الماضي
جدة: د. عبد الحفيظ خوجة
هرمون النمو من أكثر الهرمونات تداولا في حديث العامة من الناس من قصيري القامة الذين يتطلعون لاضافة بضعة سنتيمترات الى أطوالهم، وضعاف الجسم والبنية والتكوين الذين يرغبون في "العملقة" والعضلات المفتولة، حيث ارتبطت معظم تلك الحالات بنقص في افراز هذا الهرمون، مما جعلهم يسعون وراء اقتنائه.
إلا أن هرمون النمو ما زال محاطا بهالة من الغموض، ويتداوله العلماء والأطباء بالكثير من الحذر، بسبب مضاعفاته الجانبية الخطيرة على البالغين، التي تتمثل في اختلال الشكل العظمي للانسان وتضخم الأطراف.
* هرمون النمو تتحدث الى "الشرق الأوسط" الدكتورة زينب علي مطير، استشارية أمراض باطنية وغدد صماء بمستشفى الملك فهد بجدة، مشيرة الى أن هرمون النمو هو أحد هرمونات الغدة النخامية "الصنوبرية" الموجودة في المخ، وهو الهرمون المسؤول عن نمو الإنسان بعد الولادة، ويساعد في بناء جسم الانسان (Anabolic) وذلك بنمو العظام والانسجة عن طريق زيادة تكوين البروتينات، كما انه يعمل على تكسير الدهون في عملية تسمى ( Lipolysis) وتكوين الاجسام الكيتونية، وله تأثير مضاد للأنسولين مما يؤدي إلى زيادة مستوى الجلوكوز في الدم، ويرفع مستوى بعض الاملاح في الدم مثل أملاح الصوديوم والبوتاسيوم والماغنيسيوم.
تضيف الدكتورة زينب مطير بأن هذا الهرمون استخدم منذ أكثر من أربعين عاما لعلاج قصر القامة، وفي تلك الحقبة من الزمن كان يتم استخلاص هذا الهرمون من مخ القردة ولكن نظرا لإصابة مستخدمي هذا الهرمون بفيروس يؤدي إلى التهاب المخ وضعف في الذاكرة مبكرا (Creutzfeldt-Jacob disease) فتم استبعاده، حيث بينت الأبحاث بعد ذلك أن هذا الفيروس كامن في مخ القردة.
من ثم بدأت الأبحاث تنطلق في إيجاد حل آخر أو مصدر آخر لهذا الهرمون فتمكنوا من تصنيعه بالهندسة الوراثية منذ أكثر من 10 سنوات وهو ما يستعمل الآن في العلاج.
* قصر القامة وعن قصر القامة، وهي ظاهرة تقلق كثيراً من الأمهات والآباء في وقتنا الحالي، وعن نقص هرمون النمو، تقول الدكتورة زينب مطير بأنها حالة تحدث بنسبة عالمية تتراوح بين 1 لكل 4000 – 1 لكل 10000 طفل.
وتلخص أسباب نقص هرمون النمو المؤدي إلى قصر القامة في الآتي:
• أسباب جينية: تحدث نتيجة تعطل في وظيفة بعض الكروموسومات المسؤولة عن تحفيز هرمون النمو.
• أسباب لها علاقة بأمراض أخرى: مثل متلازمة تيرنر turner"s syndrome أو أمراض الكلى المزمنة أو الفشل الكلوي المزمن أو متلازمة prader willi syndrome.
• أسباب لها علاقة بطريقة الولادة: مثل خروج الطفل بمقعده أثناء الولادة.
• أسباب لها علاقة بفترة الحمل: مثل تعاطي الكحول، التدخين، ارتفاع شديد غير منتظم في ضغط الدم، هبوط في الغدة الدرقية، أو نقص الأوكسجين عند الطفل أثناء الولادة.
* معدل النمو تشير الدكتورة زينب مطير الى أن معدل النمو منذ الولادة حتى البلوغ، يتم كالآتي:
– في فترة الطفولة خلال (السنتين الأوليين)، ينمو الطفل بمقدار 30-35 سم إجمالا.
بينما بعد السنتين الأوليين وحتى ما قبل البلوغ، يزداد بمقدار 5-7سم/ في السنة.
وبصفة عامة يكون متوسط نسبة الزيادة 5سم/ في السنة من سن 4 سنوات حتى البلوغ. – أثناء البلوغ يصل مقدار الزيادة في الفترة ما بين فترة قبل البلوغ مباشرة وحتى سنة من البلوغ ما بين 8-14سم pubertal sput – وبعد هذه المرحلة تتغير نسبة الزيادة، فتكون عند الأولاد 0,6 سم/ في السنة حتى سن 20 سنة، بينما تكون عند البنات 0,5 سم/ في السنة حتى 18 سنة.
* الفحص والعلاج تقول الدكتورة زينب مطير إن الأطفال الذين يعانون من قصر في القامة أقل من المتوسط لأعمارهم الزمنية الحقيقية وليست أعمار العظام بالنسبة لمن هم مثلهم في الجنس والجنسية، يلزمهم عمل فحص شامل لهرمون النمو، حتى يتم تحديد مستوى الحالة.
ويتم تشخيص الحالة بأخذ التاريخ المرضي المتكامل، ثم فحص المريض، ثم عمل تحاليل تحفيزية للغدة النخامية بعد إعطاء مادة الأنسولين وقياس نسبة هرمون النمو على فترات متعاقبة بعد الحقنة مع معرفة نسبة الهرمون المعروف باسم "عامل النمو شبيه الإنسولين-1 insulin-like growth factor (igf-1) " وهرمون.IGFPB3 وتوضح الدكتورة زينب مطير أن قصر القامة الناتج عن نقص هرمون النمو يتم علاجه بإعطاء حقنة تحت الجلد من هرمون النمو يوميا أو ثلاث مرات في الأسبوع علما بأن الجرعة اليومية أكثر فعالية من الأخرى، 0,04 ملغم / كلغم / اليوم، تحت الجلد.
ثم يجب متابعة المريض أثناء العلاج وذلك لتحديد مدى استجابته للعلاج ويتم ذلك بواسطة الفحص الإكلينيكي المستمر للتعرف على مدى زيادة الطول، الوزن، اكتشاف ظهور مضاعفات العلاج مبكرا. ثم قياس هرمون igf-1 والمحافظة على نسبته في حده الطبيعي العالي.
أما عن الاستجابة فإنها تختلف من شخص لآخر، فالأولاد أكثر استجابة من البنات، ووجود عوامل وراثية تتحكم في الطول (كأن يكون الوالدان يميلان إلى الطول) فتكون نسبة الاستفادة لطفلهم من هرمون النمو عالية. وفي حالة البلوغ، فكلما تأخر البلوغ أستفاد الطفل أكثر من الهرمون وأعطى نتائج أفضل.
* محاسن العلاج ومساوئه اما الفئة التي تخضع للعلاج، فهي التي يكون لدى أفرادها:
– نقص في هرمون النمو.
– قصر القامة المصاحب لمتلازمة turner"s.
1- قصر القامة المصاحب للفشل الكلوي المزمن.
– قصر القامة المصاحب لملازمة prader willi syndrome – قصر القامة غير معروف السبب idiopathic.
ويستمر العلاج 3-4 شهور بعد أن يتوقف النمو، مع ملاحظة الاعتناء بالتغذية الجيدة، الرياضة، ومراعاة الحالة النفسية للطفل.
وتشمل مساوئ العلاج:
– انزلاق في مفصل الفخذ.
– التهاب في البنكرياس.
– زيادة في ضغط سائل الدماغ.
– داء السكري.
– سرطان في الدم.
-سرطان الغدد اللمفاوية.
– تورم القدمين.
– ضغط على أعصاب اليد مع تنميل مستمر.
ومن الضروري تكملة المدة الزمنية للعلاج، أي ان من الحكمة إعادة التحليل التحفيزي للغدة النخامية للتعرف على نسبة هرمون النمو بعد العلاج، حيث إن نسبة كبيرة من الأطفال الذين يعانون من نقص الهرمون تستجيب الغدة لهرمونات الجنس عند البلوغ وتعود إلى إفراز هرمون النمو بصورة طبيعية.
كما أن بعض حالات نقص هرمون النمو غير معروف السبب، تعود إلى وضعها الطبيعي وإفرازها الجيد بعد إيقاف إعطاء هرمون النمو. وبذلك نحدد مَنْ مِنْ المرضى يحتاج لاستمرارية العلاج.
* متلازمة تيرنر.. اضطراب وراثي يصيب الإناث > متلازمة تيرنر turner"s syndrome اضطراب وراثي يصيب الإناث فقط بنسبة 1 : 2500 بنت، يؤثّرُ على تطور نمو البنت المصابة، وسبب ذلك هو فقدان أَو عدم اكتمال الكروموسوم الجنسي إكس.
وتتصف البنت المصابة بمتلازمة تيرنر بأنها قصيرة في الشكل الخارجي، والأعضاء التناسلية لديها تكون موجودة ولكن غير مكتملة النمو، والمبايض عندها لا تَعْملُ بشكل صحيح، وتكون في الغالب عقيمة، وهي معرضة لمخاطر صحيةِ كثيرة مثل ضغطِ الدمّ العاليِ، مشاكل في الكلى، مرض السكّري، ماء العين الأبيض (كتاراكت)، نخر العظام واضطرابات في الغدة الدرقية.
ومن الميزّات الأخرى المثالية لمتلازمةِ تيرنر ان تكون الرقبة قصيرة و"غشائية webbed" مزودة بطيّاتِ جلدِية مِنْ أعلى الأكتافِ إلى جوانبِ الرقبةِ، وهناك انخفاض خط الشعر في الخلف، وانخفاض مستوى وضع الأذنين، وتكون الأيدي والأقدام مُنْتَفخة.
ليس هناك علاج لمتلازمةِ تيرنر، ووفقاً للمعهد الوطني لصحةِ الطفلِ والتطويرِ الإنسانيِ، يتم توجيه العلاج للأعراضِ المرضية. يُساعدُ هرمونُ النمو في زيادة طول المريضة والوصولِ الى معدل قريب من المتوسط. بدائل الهرمونِات يُمْكِنُ أَنْ تحفّزَ تطويرَ الصفات الجنسيَة. تقنيات التكاثر الاصطناعي الحديثة يُمْكِنُ أَنْ تُساعدَ بَعْض النِساءِ بمتلازمةِ تيرنر أن يحملن كغيرهن.
متلازمة بريدر ويللي.. اضطراب وراثي في الكروموسومات > متلازمة prader willi syndrome سببها اضطراب وراثي في الكروموسومِ 15، يصيب تقريباً واحدا من كُلّ 12000-15000 من السكان، من كافة الأجناس والأعراق، ومن كلا الجنسين الأولاد والبنات. وبالرغم من كونه نادرِاً، فإن متلازمة بريدر ويللي هي السبب الوراثي الأكثر شيوعاً للسمنةِ. يتم التُشخيصُ عادة من مظهرِ وسلوكِ الطفل، ثمّ بالاختبار الوراثيِ المُتَخَصّصِ لعينة الدمّ (وجه طويل ضيق، عيون على هيئة لوز، فَمّ صغير، الشفة العليا مائلة، خدود كاملة، حول بالعينين). تبدأ الأعراضِ بفشل في النمو واكتساب الوزن بسبب ارتخاء العضلاتِ عند الرضيع بالمتلازمةِ. ثم يتطوّرُ فجأة عند الطفل ما بين 1-6 سَنَوات اهتمام كبير بالغذاءِ ويزداد وزنه. ورغم زيادة الوزن إلا أن النَمُو الطبيعي يتوقف عند هذا الطفل ويُصبحُ قصيراً بشكل تدريجي وزائد الوزن بإفراط.
يعاني هذا المريض من تأخرِ عقليِ ومشاكل التعليم، الوسوسة والهوسِ، الإلزام، ونوبات غضب مزاجِية، إضافة لتأخر النمو الجنسي لغياب أو انخفاض الهرموناتِ الجنسِية.
ليس هناك علاج لهذه المتلازمة وفقاً للمنظمة الوطنية الأميركية للاِضطراباتِ النادرةِ، ويمكن استخدام طرق خاصّةِ لاطعام الطفل لمساعدته على النمو، كما يمكن تَحسين القوّةِ بالعلاج الطبيعي والتمرين. إعطاء هرمونِ النمو البشري لتحسين كتلة ونمو العضلات.
التعليم الخاصّ وعلاج النطق يُمْكِنُ أَنْ يُساعدَا المتأخرين برفع مهاراتِهم واللحاق بنظائرِهم. أما مشاكل الوزن، فيُمْكِنُ السيطرة عليهِا من خلال طعام متوازن منخفض السعرات، مراقبة الوزنِ، منع الغذاءِ الخارجيِ، مع عمل التمرين اليومي.
م
ن
نقلا عن موقع اليوم السابع ..د. د.خالد عمارة استاذ جراحة وتشوهات العظام يكتب :جراحة إطالة العظام ومشاكلها لقصار القامة
يعانى البعض من قصر القامة أو من المشى غير الطبيعى، بسبب أن هناك ساقا أقصر من الأخرى نتيجة كسر قديم أو عيب خلقى أو تشوه بالساق أو الفخذ أو إصابة لمركز النمو فى الأطفال. وفى جراحة العظام أفضل علاج لهذه الحالات، هو جراحة إطالة العظام بطريقة بناء العظام. وهى جراحة ناجحة جدا حيث تحقق نجاحا يصل إلى 98% فى أغلب الحالات.
وهذه الطريقة تعتمد على عمل شق عظمى بطريقة معينة، بحيث إنه يتحول إلى ما يشبه مركز النمو، ثم يتم تركيب جهاز تثبيت داخلى أو خارجى لتوجيه إطالة العظام تدريجيا بسرعة 1 مللى متر يوميا، إلى أن يتم إطالة الأنسجة والعظام والعضلات والأعصاب للطول المطلوب. بعدها يجب الانتظار لفترة تتراوح بين 6 إلى 10 أشهر أخرى إلى أن يتم تكلس العظام الجديدة كى تصبح قوية، ويمكن المشى الطبيعى عليها. وفى هذه المرحلة يمكن إزالة المثبت الخارجى أو الداخلى.
لكن نتيجة فترة العلاج الطويلة فإن استعمال المثبت الخارجى لفترات طويلة قد يتسبب فى مضاعفات كثيرة، مثل تيبس المفاصل والتهابات حول مسامير المثبت وألم شديد، وربما أيضا ضغط نفسى.. إلى آخره من المضاعفات التى تحتاج إلى رعاية شديدة ومتابعة دقيقة وتعاون بين الطبيب والمريض لمنع حدوثها.
لذلك تطورت وسائل الإطالة الجراحية فى خلال العشر سنوات الأخيرة عن طريق استعمال المسمار النخاعى مع أو بدون مثبت خارجى. فهناك طرق مثلا لإطالة العظام بمثبت خارجى لفترة قصيرة ثم يتم استبداله بمسمار نخاعى حين يصل المريض إلى الطول المناسب، وهذه التقنية تتميز بقصر مده العلاج وأثبتت أبحاث كثيرة أمانها وفاعليتها.
وهناك تقنية استعمال مسمار نخاعى يتم التحكم فيه عن بعد لإطالة العظام، وهى تقنية ناجحة جدا لكن لا يمكن استعمالها فى كل الحالات نتيجة كبر حجم هذا النوع من المسامير، فلا يمكن تركيبه فى العظام الصغيرة والأطفال أو فى وجود اعوجاج.
والأبحاث نشطة جدا فى هذا المجال ويتطور العلم والبحث، ومن المتوقع أن يطور العلماء طرق أخرى كثيرة لتجعل علاج قصر العظام أسهل على المريض وبأقل مضاعفات.