هناك مجموعة من المواد الغذائية الأساسية التي
يحتاجها الإنسان حتماً في غذائه لتَمُدَّه بالطاقة اللازمة فيضمن جسماً سليماً يقوم بوظائفه خير قيام ، ويبقى في مأمن بعيداً عن الأمراض التي تشكل خطراً على بقائه ، وهي :
1 – البروتينات
2 – الدُّسُم ( الدهون )
3 – مجموعة النشويات والسكريات .
وأما باقي العناصر الغذائية كالألياف والفيتامينات والمعادن والسوائل والأيونات فلها وظائف أخرى غير الإمداد بالطاقة ، وسنبحثها في بحث مستقل.
أولاً : البروتينات Proteins :
البروتينات هي العناصر الأساسية المكونة للعضلات الحمراء المخططة ( وهي العضلات الإرادية وتدعى باللحم الأحمر ) والعضلات الملساء ( وهي العضلات اللاإرادية المحركة لجُدُر الشرايين والأنبوب الهضمي والقصبي .. ) والعضلات المشتركة بين النوعين والتي تمثلها عضلة القلب . كما تتكون منها جميع الأنزيمات Enzyms الضرورية للعمليات الأيْضِيَّة ( الاستقلابية ) ، وكثير من الهرمونات كهرمونات الغدة النخامية و الدرقية والأنسولين ولب الكظر .. وهي هامة جداً لتكوين العناصر المناعية الخلطية والخلوية ، ويتكون منها آحين الدم والكريات الحمراء ويعتمد عليها البناء الخَلَوِيُّ إجمالاً .. فلا بد من وجود البروتينات للقيام بعمليات ترميم النسج التالفة وبناء الأنسجة الجديدة عند الأطفال في مراحل النمو ، وتحتاجه الحامل كثيراً لكي يستمر بناء أنسجة جنينها، وتحتاجه المرضع ليس فقط لتعويض جسمها عمَّا يخسره منها بل لتؤمن لرضيعها كفايته من الحليب الغني بالبروتينات ..ولذلك لا يمكن للكيان الإنساني أن يستمر بالحياة إذا نقصت هذه العناصر في غذائه نقصاً كبيراً .
وتتألف البروتينات من مجموعة من الحموض الأمينية ( عرف منها 21 حمضاً عند البشر ، تسعة منها تدعى بالحموض الأمينية الأساسية ) ترتبط مع بعضها وفق سلسلة معينة (تدعى بالسلسلة البروتينية ) لتحدد بروتيناً ما ، وباختلاف هذا التسلسل يختلف البروتين في نوعيته ووظيفته ، ويتحدد ذلك كله بوساطة الجينات الوراثية في كل خلية بشرية .
ويمكن للجسم البشري أن يصنع جميع الحموض الأمينية اعتباراً من ركائز أساسية موجودة في داخله باستثناء الحموض الأمينية الأساسية التسعة التي يجب أن تأتيه مع الوارد الغذائي الخارجي .
ومن هنا تم التفريق بين نوعين من البروتينات :
1 – البروتينات الحاوية على الحموض الأمينية الأساسية ( هي الليزين واللوسين والإيزولوسين والفالين والمثيونين والفنيل ألانين والتربتوفان والتريونين والهستيدين) ، وتدعى بالبروتينات العالية النوعية وتوجد في المصادر الغذائية الحيوانية كاللحوم الحمراء والبيضاء ( كلحم الطيور والدواجن والأسماك ) ، كما توجد أيضاً في الحليب والبيض ومشتقاتهما وفي العسل وغذاء الملكة .
2 – البـروتينات الخالية من الحموض الأمينية الأساســية وتدعى بالبروتينات المنخفضة النوعية . وهي أعسر هضماً من البروتينات السابقة . وتوجد في بعض أصناف النباتات كالحبوب ( القمح والشعيروالذرة .. ) والبقول
( كالفول والعدس والفاصولياء والحمص .. ) .
وفي حالات نقص الوارد من الطاقة فإنَّ الجسم يستهلك البروتينات الموجودة داخل خلاياه ، ويعفُّ عن البروتينات التي تشكل النسج والألياف الضامة الموجودة خارج الخلايا في العظام والجلد ..
تبلغ الحاجة اليومية من البروتينات 1 ملغ/كغ من الوزن المثالي يومياً .ويزداد هذا الاحتياج عند الحوامل والمرضعاتليصل إلى 1.5-2 ملغ / كغ من الوزن ويجب أن تحقق نسبة البروتينات 15 % من مجمل الطاقة المطلوبة يومياً
( وقد تصل في بعض الحالات الخاصة إلى 20 % ) . ويجب أن ننتبه عند حساب الحاجة من البروتينات إلى أنها لاتوجد في المواد الغذائية إلاَّ ممزوجة بالماء
( كاللحم والحليب والحبوبيات .. ) فيجب حساب اللازم منها بعد تعديل نسبتها فيه . فمثلاً يجب تناول 180 غ لحماً للحصول على 60 غ من البروتينات تقريباً.
يُنْتج كل 1 غ من البروتينات عند حرقه طاقة حرورية مقدارها 4 ك.كالوري .
هناك مرضان معروفان جيداً لدى الأطفال ناجمان عن نقص بروتينات الجسم يدعى أولهما داء الكواشيركورKwashiorKor ، ويدعى الثاني بـ"الماراسموس "Marasmus ولا يختلفان إلاَّ في شدة نقص البروتين ففي الأول يصل النقص حتى 60% من الطبيعي وأما في الثاني فيتجاوز النقص هذا الرقم .
وتتجلى أعراضهما بالوذمات الانطباعية المعممة (تسمى الوذمة هنا بالانطباعية لأنها تترك انطباعاً أو أثراً إذا ضغطت بالأصبع فوق منطقة العظم الظنبوبي مدة دقيقة واحدة وأما في حالة السمنة أو الوذمة المخاطية فلا يترك الضغط انطباعاً بل يعود الجلد مباشرة إلى وضعه الأول) . ونقص تصبغ الأشعار نتيجة نقص المواد الصباغية القتامينية فيه . وتتضخم الكبد بسبب تشحمها كمقدمةلتَشَمُّعِها . وتكثر عند هؤلاء الأطفال العدوى (الجرثومية والفيروسية) نتيجة نقص المناعة ..ويمكن أن يحدث نقص الوارد من البروتينات عند الكبار فيسبب تشحم الكبد ثم تشمعها وما يجر إليه من نقص بروتينات المصل وحدوث الوذمات الانطباعية والحَبَن .
كيف يستفيد الجسم من البروتينات ؟
يبدأ هضم البروتينات في المعدة بوساطة خميرة الببسين و الحمض المعدي ، فيقومان بعملية التجزئة الأولى للسلاسل الطويلة من الحموض الأمينية لتصبح سلاسل قصيرة مختلفة الطول تدعى بالبروتيدات (أو البولي ببتيدات) ، وعندما تصل هذه السلاسل القصيرة إلى الاثنا عشري (العفج) فإنها تمتزج بأنزيمات البنكرياس ( التريبسين، والكيموتريبسين ) التي تتابع هضمها ضمن الوسط القلوي لهذه القطعة المعوية فتصبح الحصيلة مجموعة من الببتيدات العديدة ، والحموض الأمينية والحموض النووية ( RNA , DNA ) الموجودة
في نوى الخلايا. ثم بمتابعة المسير نحو الأمعاء تدخل في التفاعلات أنزيمات معوية أخرى كالإيربسين فتقلب جميع الببتيدات العديدة إلى حموض أمينية بسيطة . وأما الحموض النووية فتنقلب إلى بيورينات وبريميدينات . وتمتص جميع هذه العناصر الانتهائية من الأمعاء لتستقلب داخل الجسم في المواضع المناسبة لها .
فأما الحموض الأمينية فيستخدمها الجسم لاستعادة تركيب البروتينات الناقصة وكمصدر للطاقة إذا لم تتوفر له هذه الأخيرة من المصادر المعتادة الأخرى
(كالسكريات والدهون) وينتهي استقلابها بتشكيل اليوريا (البولة الدموية) ، وأما البيورينات والبريميدينات فتنتهي بتشكيل الزانتين ثم حمض اليوريك .
والخلاصة :
البروتينات مواد غذائية هامة لبناء الجسم ومكوناته الحيوية منها حيوانية المصدر وتعتبر بروتينات كاملة ، ومنها نباتية وتعتبر بروتينات ناقصة . ويحتاجها الجسم بمقدار 1 غ / كغ من وزنه المثالي يومياً . ويحرر كل 1 غ منها 4 ك.كالوري . وينتهي هضم البروتينات بكل أنواعها في الجهاز الهضمي عند تفكيكها والحصول منها على الحموض الأمينية والبيورينات والبريميدينات وأما داخل الجسم فتستقلب إلى يوريا (بولة دموية) وحمض اليوريك (حمض البول) . وتطرح هذه المستقلبات مع البول عبر الكليتين .
هناك مجموعتان مهمتان من الدسم هي : الدسم البسيطة والدسم المركبة .
الدسم البسيطة :
أهمها الدسم المعتدلة : ( الغليسريدات الثلاثية ) وتتكون من جزيء من الغليسرول مع ثلاث جزيئات من الحموض الدسمة وهناك غلسيريدات أحادية وثنائية تتألف من جزيء من الغليسرول مع جزيء أو جزيئين من الحموض الدسمة (على التوالي) .
وأما أشهر الحموض الدسمة فهي : حمض النخل Palmitic Acid ويتألف من16 ذرة كربون حمضية مشبعة وحمض الشمع Stearic Acid ويتألف من 18 ذرة كربون حمضية مشبعة . وحمض الزيت Oleic Acid ويتألف من
18 ذرة كربون ذات رباط وحيد غير مشبع .
وهناك حموض دسمة نباتية ذات روابط كربونية عديدة غير مشبعة كزيت الذرة
وزيت عباد الشمس .. وأما الشمع فهو إسترات الحموض الدسمة مع كحوليات ذات سلاسل طويلة . ( بدلاً من الغليسيرول كما هو الحال في الدسم الطبيعية ( .
إنَّ جميع مصادر الدهون الحيوانية ذات حموض دسمة مشبعة الروابط . وأما الدهون النباتية فمنها نوعان : نوع مشبع الروابط وآخر غير مشبع الروابط، ولهذا الأخير نوعان : نوع ذو رابط مضاعف وحيد ونوع عديد الروابط المضاعفة .
الدسم المركبة : وتتألف من الحموض الدسمة مع الغليسرول مع مركبات تحتوي على النتروجين (الآزوت) وكثيراً ما تحتوي على مجموعات فسفاتية . وتشكل هذه الدسم جزءاً من التركيبات الخلوية (كالأغشية المغلفة للخلايا) ، وتدخل بكميات كبيرة في تكوين الأغمدة العصبية ، كما تستخدم في نقل الدسم عبر الدم . وأمثلتها الدسم الفسفاتية Phospholipides (أوالفوسفاتيدات) والسفنغوميلينات Sphigomylelins والدسم السكرية الغالاكتوزية Galactolipides ( السيريبروزيدات ) وتحتوي على الغالاكتوز الوحيد السكريد ، والحموض الدسمة والسفنغوزين . ولكنها لا تحتوي على الفوسفات ولا الغليسرول . وتذوب الدسم المرتبطة في النسج والمحمولة في الدم بمذيبات الدسم وأذكر منها :
الستيروئيدات : (كهرمونات المبيضين ، والخصيتين ، وقشر الكظر ) .
الكولسترول (وتدعى أسترة الكولسترول مع الحموض الدسمة بالكولستيريدات) . والفيتامينات المنحلة في الدسم : A,E,D,K التي تذوب في الدسم ومذيباتها .
ويحتوي غذاء الإنسان على الدسم الطبيعية مع كميات قليلة من الحموض الدسمة والليستين وإسترات الكولسترول .
كيف تُـهْضَمُ الدُّسم ؟ :
يتم هضم الدسم في الأمعاء بعد تعرضها للعصارة الصفراوية وعصارة البنكرياس ، فالأملاح الصفراوية تخفض من توترها السطحي فتستحلبها ، وتعدل العصارة البنكرياسية الوسط الحامضي للطعام القادم من المعدة فترفع درجة الباهاء ـ PH إلى 7 فأكثر ، وعندئذ يصبح إنزيم الليباز البنكرياسي فعالاً قادراً على تحطيم الجزيئات الدسمة الواردة على شكل غليسريدات ثلاثية بوجود الماء فيحلمِهَها Hydrolysis إلى غليسريدات ثنائية أو أحادية مستخلصاً منها الحموض الدسمة المختلفة .
وتتشكل نتيجة هذا الهضم قطرات من جزيئات الأيونات البنكرياسية، والغلسيريدات الأحادية والحموض الدسمة والأملاح الصفراوية ، وتدعى باسم الـمَذْيَلات Micelles وهي ذَوَّابة في الماء.
ويمكن لهذه الجزيئات أن تحلَّ مركباتٍ أخرى كالكولسترول . وتمُتَص هذه المذيلات بشكل منفعل داخل الزغابات المعوية ، ويعاد طرح الأملاح الصفراوية ليعاد امتصاصها في مناطق بعيدة من المعى اللفائفي . وتتألف الدسم داخل الخلية المعوية من غليسريدات أحادية وحموض دسمة ، وتعامل بعد ذلك بإحدى طريقتين :
الأولى : تعاد أسترة الغليسريدات الأحادية والحموض الدسمة التي يتجاوز عدد ذراتها الكربونية 14 ذرة ، لتتحوَّل إلى غليسريدات ثلاثية ، وتقوم الخلية بعد ذلك بتغليفها بمادة تدعى "البيتا ليبوبروتئين" فتشكل قطرات"الكيلوميكرون" التي تدخل إلى الطرق اللمفاوية التي تنقلها إلى القناة الصدرية ثم تنصب في الدوران الدموي مباشرة .
الثانية : تدخل الحموض الدسمة الصغيرة ( أقل من 12 – 14 ذرة كربون ) إلى الدوران الدموي الزغابي عبر الخلايا المخاطية ، وتسمى بالحموض الدسمة الحرة (FFA) أي Free Fatty Acids وترتبط بألبومين المصل في الدوران الدموي . وتسبب الحركة الزغابية المعوية دفع الدسم عبر القناة اللمفاوية والدوران الدموي البابي ( الخاص بالكبد ).
كيف توجد الدسم في الدم ؟ :
توجد الدسم في مصل الدم علىشكل : غليسريدات ثلاثية ، وحموض دسمة ، وفوسفوليبيدات وستيروئيدات . وتقوم بروتينات المصل التي يصنعها الكبد بربط هذه الدسم لحملها في الدوران الدموي . وبحسب كمية الدسم المرتبطة ونوعها فإنَّ الليبوبروتين الحامل لها سيكون خفيفاً أو ثقيلاً ، ولذلك أمكن تمييز عدة أنواع من الليبوبروتينات في المصل بوساطة المثفلة ( عملية التنبيذ ) هي : الليبوبروتينات ذات الكثافة المنخفضة جداً VLDL = Very Low Density Lipoprotein والليبوبروتينات ذات الكثافة المنخفضة LDL = Low Density Lipoprtein الليبوبروتينات عالية الكثافة HDL = High Density Lipoprotein
فأما الصنف الأول فهو وصفي للغليسريدات الثلاثية التي ترتبط بكمية
150 – 160 ملغ بكل 100 مل من المصل . وقد تبين في الدراسات الحديثة أنَّ هذا الليبوبروتئين VLDL هو طليعة LDL في الكبد، وكلما كان عياره مرتفعاً رافقه ارتفاع LDL الذي يحمل الكولسترول ويربطه برباط ضعيف فيهيئه للترسب على جدر الأوعية مشكلاً مع ذرات الكالسيوم والألياف عصيدات تسد لمعة الأوعية وتسبب الداء القلبي الإكليلي ، ولذلك تسمى هذه الليبوبروتينات (LDL ) بحوامل الكولسترول السيِّئة .وأما الليبوبروتينات العالية الكثافة HDL فهي تحمل الكولسترول أيضاً ولكنها تربطه برباط متين فتنزعه عن جدر الشرايين لينطرح مع البول ، ولذلك تسمى بحوامل الكولسترول الجيدة .
يحمل LDL ( 60 – 70 % ) من مجمل الكولسترول ، ويحمل HDL ( 25 %) منه ، وكلما ارتفعت نسبة HDL وانخفضت نسبة LDL كان مستقبل الوضع الشرياني أفضل فلا تتعرض للتصلب والانسداد .
يجب أن يكون عيار LDL أقل من 130 ملغ/ 100 مل ، والرقم بين 130 – 159 ملغ / 100 مل هو على الحدود المرتفعة ، وأما ارتفاعه أكثر من ذلك فيجعل خطر الإصابة الوعائية محققاً وأما عيار HDL فيجب أن يكون أكثر من 45 ملغ / 100 مل . ولذلك لم يعد عيار مجمل الكولسترول وحده كافياً لتحديد نسبة خطورة تصلبات الشرايين (يعتبر عيار الكولسترول الطبيعي بين 150 – 200 ملغ / 100 مل ( 5 ميلي مول / ليتر ) ، بل يجب عيار LDL , HDL معه ثم حساب النسبة بقسمة عيار الكولسترول عليهما .
نحصل على النسبة الأولى بين الكولسترول و HDL بقسمة عيار الأول على الثاني ، والنتيجة الطبيعية يجب أن تكون أقل من 4.5 . ويعتقد الكثير من الأطباء الآن أنَّ الغليسريدات الثلاثية هي أيضاً عامل من عوامل الاختطار في أمراض القلب خصوصاً في الحالات التي يكون فيها عيار HDL منخفضاً والحدود العيارية المقبولة له بين 150-200 ملغ/100 مل وتشكل الحموض الدسمة الحرة 12 ملغ / 100 مل . وهي مصدر الطاقة السريع الذي تستفيد منه معظم خلايا الجسم مباشرة ( باستثناء الخلايا العصبية المركزية والكريات الحمراء ) .
تحتزن الدسم في الجسم داخل الخلايا الدهنية البيضاء على شكل غليسريدات ثلاثية ، وهدف هذه النسج الدهنية المحافظة على وجود الحموض الدسمة الحرة في المصل لضمان تأمين الطاقة اللازمة لأي خلية في الجسم .
ولقد ثبت حالياً أنَّ خلايا النسيج الدهني تتكاثر ويزداد عددها إذا زاد الوارد من الطاقة الغذائية عن حاجة الجسم في مرحلتين من العمر ، هي ما بين سن2 -4 سنوات وما بين سن 12 – 14 سنة . فبعد إشباع الخلايا بكميات الدسم التي تستطيع تحملها لا يمكنها ترك المقادير الفائضة حرة في الدم فتستجيب على ذلك بزيادة عددها . ولذلك فإنَّ هذه البدانة خطرة على الطفل في المستقبل وتكون معممة في الجسم ويصعب السيطرة عليها .
لذلك يجب تحذير الأمهات من الإفراط في إعطاء الأطفال السكريات والدهون في سن 2-4 سنوات و 12-14 سنة . تجـنُّباً للسّمنة الخطرة .
وهناك نوع أخر من النسج الدهنية يوجد عند الولدان ويسمى النسيج الدهني الأسمر ( Brown Adipose Tissue ) الذي يتميز بغزارة أوعيته واستقلابه الشديد فيستهلك كمية كبيرة من الطاقة لتوليد الحرارة اللازمة للوليد بقصد تدفئته بعد الولادة ريثما ينمو مركزه الناظم للحرارة في جملته العصبية المركزية ويتوزع هذا النسيج في منطقة الكتفين والرقبة وخلف القص وحول الكليتين والغدتين الكظريتين ، إلاَّ أنه يضمحل كلما تقدم العمر لعدم الحاجة إليه .
وفي حالات قليلة من الناس يبقى هذا النسيج نشيطاً فيسبب لهم النحافة مهما
أكلوا من طعام عالي الطاقة دون وجود عِلَّة مرضية .
وفي ذلك إجابة عن السؤال حول سبب نحافة بعض الناس رغم أكلهم الزائد وعدم وجود أي مرض لديهم .
تُقَدِّمُ الدُّسمُ طاقةً عاليةً للجسم ، فكل 1 غ منها يعطي (9 ) ك.كالوري
حالات تشحم الكبد :هناك حالات تترسب فيها الدسم ضمن خلايا الكبد بكميات كبيرة فتؤهبها للتليف والتخرب ومن هذه الحالات :
تناول حمية عالية الدسم وخصوصاً إذا كانت فقيرة بالكولين والمثيونين التي تُهَجِّر الدهون من الكبد . وبالعكس يمكن أن يحدث تشحم الكبد بسبب الصيام المطلق المديد ، والدنف العام ونقص التغذية الشديد . كما يحدث التشحم في حالات التهاب الكبد الغولي بسبب شرب الكحوليات ..وبعد استئصال البنكرياس .
ماذا يسبب الإفراط في تناول الدسم ؟
هناك بعض الناس لا يتأثرون بتناول الكميات الكبيرة من الدسم ، ويعزى ذلك إلى أن كبدهم يطرح الكمية الفائضة من الدسم مرة أخرى عن طريق الطرق الصفراوية فالبراز . ولذلك لا يرتفع عيار الكولسترول أو الشحوم الثلاثية في دمائهم عن المقادير الطبيعية . ولكن مثل هؤلاء الأشخاص لا يشكلون أكثر من 15 – 20 % من البشر ، وأما الغالبية الباقية فإنَّ الإكثار من تناول الدسم يسبب لديهم تصلب الشرايين وارتفاع نسبة إصابتهم بالسرطانات كما سنبين في الباب الثاني .
كيف تعرف أنَّ الدسم تضرك أم لا ؟
يمكن لأي شخص أن يعرف مدى تأثير ضرر الدسم عليه بأن يتناولها بكميات كبيرة مدة شهر ثم يعاير الكولسترول والشحوم الثلاثية في دمه على الريق . فإنْ كان عيارها طبيعياً فإنها لا تضره مهما تناول منها . وأما إنْ كان عيارها مرتفعاً فهي ستضره في المستقبل وعليه ألاَّ يفرط في تناولها ، بل لا يتجاوز بنسبتها 30% من مجمل الطاقة المطلوبة له .
الخلاصة :إنَّ الدسم ضرورية للإنسان لأنها أحد مصادر الطاقة العالية ، ولا بد منها لتشكيل أغلفة الخلايا والأغماد العصبية وبعض الهرمونات
( خاصة الهرمونات الجنسية ) وهي ضرورية أيضاً لامتصاص الفيتامينات المنحلة بالدسم A ,E ,D ,K . وهذه الفيتامينات ضرورية لرقء النزوف وترميم النسج ودعم القدرة البصرية ومقاومة السرطانات بتضاد الأكسدة .
إنَّ حاجة الجسم للدسم لا تتجاوز 30 % من مجمل الطاقة اللازمةله . وإنَّ كل 1 غ منها يمنحه 9 ك.كالوري . وإنَّ أسوأ أنواعها الدسم المهدرجة ، فهي تسبب تصلب الشرايين وانسدادها . وأفضل أنواعها ما كان مضاعف الروابط الكيماوية ويمثلها زيت الزيتون . وقد قال أحد العلماء بأن ملعقتين من زيت الزيتون يومياً تكفي حاجة أي إنسان من الدسم .. وفي الحديث الشريف : " كلوا الزيت وادَّهِنوا به فإنه يخرج من شجرة مباركة " . وقد أقسم الله تعالى في كتابه العزيز بالزيتون تبياناً لفضائله على الناس ، فقد قال سبحانه :
{ والتين والزيتون * وطور سنين } التين 1-2
سميت هذه المواد باسم الكاربوهيدرات لأنها تتألف من ذرات الكربون والهيدروجين والأكسجين فقط . ولها أنواع متعددة، أهمها :
1 – السكريدات العديدة : ومثالها نشاءُ الخُضَر ، والسِّلُّولوز والبكتين اللَّذَيْن لا يمكن هضمهما بوساطة الإنزيمات الهضمية البشرية .
2 – السكريدات الثنائية : ومثالها السكروز ( أي السكر الأبيض المستحصل من القصب أو الشمندر السكريين ) ، وسكر الحليب ( اللاكتوز ) ، وسكر المالت أو الشعير ( المالتوز ) .
3 – السكريدات الوحيدة : ومنها خماسية وسداسية .
أ- السكريدات الوحيدة السداسية : ومثالها : الغلوكوز ( سكر العنب ، الدكستروز ) وسكر الفواكه الفركتوز ( ليفولوز ) الموجود في الفواكه والخُضَر . وأما الغالاكتوز فلا يوجد حراً ، ولكنه يستحصل من انشطار سكر الحليب إلى جزئيه الغلوكوز والغالاكتوز .
ب – السكريدات الوحيدة الخماسية : لا توجد هذه السكريات حرة ، ولكنها تتكون عن طريق تفكك الحموض النووية ، وبعض السكريدات العديدة كالبنتوزانات Pentosans الموجودة في الفواكه والدبقيات Gums .
وتعتبرالسكريات مصدراً سريعاً للطاقة ، ويمكن لجميع خلايا الجسم أن تستفيد منها بسرعة بما فيها خلايا الجهاز العصبي والكريات الحمراء .
كيف يستفيد الجسم من السكريات ؟
يبدأ هضم النشاء ( السكريات النباتية العديدة ) في الفم بوساطة إنزيم الأميلاز الموجود في اللعاب ، وهو يعمل بوسط معتدل أو حامضي خفيف ( أنسب وسط باهاء PH = 6,5 ) . ولذلك يمكن أن يستمر هذا الهضم في المعدة مدة نصف ساعة ، ثم يتوقف نتيجة ازدياد الحمض المعدي ، وتكون نتيجته الحصول على سكر النشاء ( أو سكر الشعير Maltose ) .
ويمكن للحمض المعدي أن يُحَلْمِه Hydrolyse بعض السكروز . وأما إنزيم الأميلاز البنكرياسي فله القدرة على قلب جميع النشويات والدكسترينات كاملاً إلى سكر النشاء . وهو يعمل في وسط قلوي تؤمنه العصارة البنكرياسية ويزداد فعاليةً بوجود الأملاح الصفراوية .
وهناك ثلاث أنماط من الإنزيمات في العصارة المعوية هي الإنفرتاز Invertase ( الإنزيم القالِب ) ، والمالتاز Maltase ( إنزيم النشاء ) ، واللاكتاز Lactase ( إنزيم الحليب ) . وهدفها جميعاً الحصول على السكريدات الوحيدة : فيعطي السكروز بوجود إنزيم الإنفرتاز سُكَّرَي العنب والفواكه ( الغلوكوز والفركتوز ) . ويعطي سكر النشاء ( المالتوز ) بوجود إنزيم المالتاز جزيئين من سكر الغلوكوز . ويعطي سكر الحليب بوجود
إنزيم الحليب ( اللاكتاز ) سُكَّرَي الغلوكوز والغالاكتوز .
ومن المحتمل أن يحدث هضم هذه السكريدات الثنائية على سطح الخلايا الظهارانية للجزء الزغابي من الصائم ، فأشد ما تكون هذه الإنزيمات فعالية في هذه المنطقة من الصائم Jejunum والقسم الداني ( القريب ) من اللفائفي Proximal Ileum. فإذا أصاب خلل ما ( وراثي مثلاً) إنزيم الإنفرتاز أو اللاكتاز فستكون نتيجته ظهور إسهال شديد وتطبل البطن نتيجة تخرب هذه السكريدات بوساطة الجراثيم المعوية لا بوساطة الإنزيمات التي تهضمها هضماً نظامياً .
إن السكريدات الأحادية من الغلوكوز والفركتوز والغالاكتوز تمتص امتصاصاً كاملاً من الأمعاء . وأما السكريات الخماسية Pentosis فتتحرر كمُنْتَج نهائي لهضم الحموض النووية ، والهضم الجزئي للبنتوزانات Pentosans .
وهكذا نلاحظ أنَّ الغلوكوز هو أهم محاصيل هضم السكريات .وإذا وصل هذا السكر إلى المعى الغليظ ( القولون ) فإنَّ الجراثيم الموجودة فيه ستقلبه إلى غاز الميتان وثنائي أكسيد الكربون مع نفايات أخرى ..
وتُـمتص السكريات الوحيدة من الجدر المعوية بطرق كثيرة تؤدي إلى الهدف ذاته حيث تصل إلى الدوران الدموي البابي فيستقبلها الكبد الذي ينظم توازنها في الدوران الدموي فيقلب الفائض منها إلى غليكوجين (وهو ذرات مترابطة عديدة التشعبات من الغلوكوز قد يصل وزنها الجزيئي إلى 5 مليون) وهو الشكل المناسب لخزن السكريات لأنه غير ذواب في الماء ولذلك لا يرفع الضغط الحلولي داخل الخلية ، ولا يمكنه الانتشار تلقائياً ، وهو ذوطاقة عالية ، ومن السهل رجوعه إلى غلوكوز داخل الخلية الكبدية فيردف الدوران بما يحتاجه منه بسرعة كبيرة عند الحاجة ويمكن استخدامه في الاستقلاب مباشرة لإنتاج الطاقة داخل النسج العضلية والخلايا الكبدية أيضاً .
تحتوي كبد الإنسان طبيعياً على 60 غ منه وتحتوي العضلات على 150 غ منه وقد يصل تركيز الغليكوجين في الكبد إلى 5% بعد وجبة غنية بالسكريات ، وقد يهبط هذا الخزين إلى الصفر بعد 18 ساعة من الصيام الكامل . وأما تركيزه في العضلات فيبلغ 0,7 -1% وأما الخلايا الدماغية فلا تحتوي عليه إلاَّ بكميات قليلة .
ويمكن الحصول بسهولة على الغلوكوز من الغليكوجين بفعل إنزيمات مختلفة موجودة في الكبد والعضلات وباقي النسج التي تختزنه . ويحرض على هذه العملية هرمونا الأدرينالين والغلوكاغون في الكبد ، وأما في العضلات فيحرضها الأدرينالين وحده. وأما هرمون ACTH الذي تفرزه غدة النخامى فيحرض هذه العملية في خلايا قشر الكظر فقط .
أمراض اختزان الغليكوجين :
هي الأمراض التي يتم فيها اختزان الغليكوجين دون إمكانية إرجاعه إلى غلوكوز ، وأشهرها مرضان يحدث في الأول منهما اختزان الغليكوجين في خلايا الكبد والكليتين ، ويدعى هذا المرض "داء فون جيرك" الناجم عن نقص أو فقدان إنزيم الغلوكوز 6 فوسفاتاز وراثياً ، ولذلك لا يمكن انحلال الغليكوجين في هذه الحالة ولو بوجود الأدرينالين أو الغلوكاغون .
وأما الثاني فيدعى بمتلازمة ماك أردل وفيه ينقص إنزيم الميوفوسفوريلاز العضلي ، وأهم أعراضه ضعف العضلات الواضح عند التمرين وبذل الجهد العضلي ، حيث لا يستطيع الغليكوجين أنْ يمدها بالطاقة اللازمة عن طريق الغلوكوز .
من أين تحصل الكبد على الغليكوجين ؟
تحصل الكبد على الغليكوجين من مصادر عدة ، أهمها :
ما يمتص من السكريدات السداسية الوحيدة ( الغلوكوز والغالاكتوز والفركتوز ) عن طريق الأمعاء بعد انتهاء عملية هضم السكريات . وما يمتص من وسائط استقلاب الكربوهيدرات وأهمها حمض اللبن Lactic Acid وحمض البيروفيك Pyrovic Acid .ومن الغليسرول المشتق من حلمهة الدسم المعتدلة . ومن أي مستقلبات وسيطة تشتق من استقلاب الحموض الأمينية وتدخل في برْكَة ( Pool ) الاستقلاب .
ما فوائد غليكوجين الكبد وما دوره ؟
إنَّ غليكوجين الكبد هو أسرع وسيلة مباشرة لردف غلوكوز المصل الدموي . وبوجود كميات كبيرة من الغليكوجين الكبدي يتعطل نزع الجذور الأمينية من الحموض الأمينية فتستفيد منها العضلات في بناء خلاياها وترميم المتهتك منها كما يتعطل إنتاج الأجسام الكيتونية من السلاسل الطويلة للحموض الدسمة . وتزداد أيضاً عمليات نزع السُّمِّية نظراً لنشاط عمليات الأستلة وتشكل مادة الغليكورونيد ابتداءً من كثير من المواد المختلفة .
إنَّ الكبد الغنية بالغليكوجين ذات حماية خاصة ضد بعض المركبات الكيماوية
السمية كرابع كلور الكربون ،والكحول الإيتيلي وسموم الزرنيخ وسموم الجراثيم.
مصير الغلوكوز في الجسم :يمكن أن تطرأ على الغلوكوز داخل الجسم تحولات استقلابية كثيرة أهمها :
1 – اختزانه في الكبد أو العضلات على شكل غليكوجين .
2 – أكسدته أكسدة كاملة داخل النسج لإنتاج الطاقة مع إنتاج غاز ثنائي أكسيد الكربون والماء . وتتم هذه العملية ضمن دارة استقلابية طبيعية تدعى دارة كرِبس . ويحرر كل 1 غ من الغلوكوز وفق هذه الطريق 4 ك.كالوري من الطاقة .
3 – انقلاب الفائض من طاقته إلى دسم تترسب في النسج الدهنية .
4 – يمكن ربط جذور أمينية إلى بعض النواتج الوسيطة أثناء استقلاب الغلوكوز لتشكيل الحموض الأمينية . ويجب أن نعلم بأنَّ الغلوكوز لا يمكنه أن يدخل إلى داخل الخلايا إلاَّ بمساعدة هرمون الأنسولين الذي تنتجه خلايا لانغرهانس البنكرياسية ، وبعد دخوله فإنَّه لا يمكن أن يستفاد منه في إنتاج الطاقة مالم تُرفع قدرته لتصبح من نموذج الغلوكوز العالي الطاقة بانقلابه إلى شكل غلوكوز 6 فوسفات .وتتم هذه الفسفرة في خلايا العضلات بوجود إنزيم يدعى"هيكزوكيناز" مع شاردة المغنيزيوم Mg ++ ، وأما في الكبد فبوجود إنزيم "الغلوكوكيناز" . وأما استعادة الغلوكوز منه فتتم في الكبد بوساطة إنزيم الغلوكوز 6 فوسفاتاز .
ضبط غلوكوز الدم :
يتراوح عيار سكر الدم الصباحي ( على الريق ) بين 80 – 110 ملغ/ 100 مل .
ويمثل هذا العيار توازناً دقيقاً بين الوارد والمختزن منه من جهة ، والمستهلك في الخلايا النسيجية المختلفة من جهة أخرى .
ويرتفع هذا العيار عند تناول السكريات لكنه سرعان ما يعود إلى مقاديره الطبيعية خلال مدة أقصاها ساعتين في الحالات الطبيعية . وتقوم عوامل عديدة على ضبط عيار الغلوكوز في الدم ويلعب الكبد الدورَ الرئيس فيها . ويقوم هذا العضو الصناعي الكبير بعملية خزن الغلوكوز وتصنيعه وتوزيعه إلى سائر أنحاء الجسم عبر الدوران الدموي العام ، فيستفيد منه الدماغ والعضلات والنسج الدهنية والغدد المفرزة للهرمونات والإنزيمات .. فهذه النسج تعمل على تخفيض عيار الغلوكوز في الدم ويقوم الكبد بطرحه إلى الدوران بمقدار مناسب للاستهلاك بحيث يبقى عياره ثابتاً .
إنَّ السكريات والنشويات مصادر سريع للطاقة تستفيد منه جميع خلايا الجسم ومنها أشكال كثيرة أبسطها وأسرعها امتصاصاً هو الغلوكوز الموجود في العنب وهو الناتج عن هضم الكربوهيدرات . وأما سكاكر الفاكهة فهي أبطأ منه لأنها تحتاج إلى عدة مراحل لهضمها وانقلابها إلى غلوكوز . وأما سكر القصب أو الشوندر ( السكر الأبيض أو السكروز ) فما هو إلاَّ مجموع جزيئتي غلوكوز وفركتوز .
يحتاج الجسم إلى النشويات والسكريات بمعدل 50-55 % من الطاقة العامة التي يحتاجها يومياً ، وترتفع هذه الحاجة عند الرياضيين وعندكل من يبذل جهداً عنيفاً يتطلب طاقة سريعة لتصل أحياناً إلى 65 % .
وإنَّ كل 1 غ من الكربوهيدرات يعطي 4 ك.كالوري .
ويجب أن نعلم بأنه كلما زدنا من استهلاك السكريات فإننا نحتاج معها إلى مزيد من الفيتامين ب1 لأنه وسيط استقلابها في الجسم خصوصاً في الجهاز العصبي .
1 – البروتينات
2 – الدُّسُم ( الدهون )
3 – مجموعة النشويات والسكريات .
وأما باقي العناصر الغذائية كالألياف والفيتامينات والمعادن والسوائل والأيونات فلها وظائف أخرى غير الإمداد بالطاقة ، وسنبحثها في بحث مستقل.
أولاً : البروتينات Proteins :
البروتينات هي العناصر الأساسية المكونة للعضلات الحمراء المخططة ( وهي العضلات الإرادية وتدعى باللحم الأحمر ) والعضلات الملساء ( وهي العضلات اللاإرادية المحركة لجُدُر الشرايين والأنبوب الهضمي والقصبي .. ) والعضلات المشتركة بين النوعين والتي تمثلها عضلة القلب . كما تتكون منها جميع الأنزيمات Enzyms الضرورية للعمليات الأيْضِيَّة ( الاستقلابية ) ، وكثير من الهرمونات كهرمونات الغدة النخامية و الدرقية والأنسولين ولب الكظر .. وهي هامة جداً لتكوين العناصر المناعية الخلطية والخلوية ، ويتكون منها آحين الدم والكريات الحمراء ويعتمد عليها البناء الخَلَوِيُّ إجمالاً .. فلا بد من وجود البروتينات للقيام بعمليات ترميم النسج التالفة وبناء الأنسجة الجديدة عند الأطفال في مراحل النمو ، وتحتاجه الحامل كثيراً لكي يستمر بناء أنسجة جنينها، وتحتاجه المرضع ليس فقط لتعويض جسمها عمَّا يخسره منها بل لتؤمن لرضيعها كفايته من الحليب الغني بالبروتينات ..ولذلك لا يمكن للكيان الإنساني أن يستمر بالحياة إذا نقصت هذه العناصر في غذائه نقصاً كبيراً .
وتتألف البروتينات من مجموعة من الحموض الأمينية ( عرف منها 21 حمضاً عند البشر ، تسعة منها تدعى بالحموض الأمينية الأساسية ) ترتبط مع بعضها وفق سلسلة معينة (تدعى بالسلسلة البروتينية ) لتحدد بروتيناً ما ، وباختلاف هذا التسلسل يختلف البروتين في نوعيته ووظيفته ، ويتحدد ذلك كله بوساطة الجينات الوراثية في كل خلية بشرية .
ويمكن للجسم البشري أن يصنع جميع الحموض الأمينية اعتباراً من ركائز أساسية موجودة في داخله باستثناء الحموض الأمينية الأساسية التسعة التي يجب أن تأتيه مع الوارد الغذائي الخارجي .
ومن هنا تم التفريق بين نوعين من البروتينات :
1 – البروتينات الحاوية على الحموض الأمينية الأساسية ( هي الليزين واللوسين والإيزولوسين والفالين والمثيونين والفنيل ألانين والتربتوفان والتريونين والهستيدين) ، وتدعى بالبروتينات العالية النوعية وتوجد في المصادر الغذائية الحيوانية كاللحوم الحمراء والبيضاء ( كلحم الطيور والدواجن والأسماك ) ، كما توجد أيضاً في الحليب والبيض ومشتقاتهما وفي العسل وغذاء الملكة .
2 – البـروتينات الخالية من الحموض الأمينية الأساســية وتدعى بالبروتينات المنخفضة النوعية . وهي أعسر هضماً من البروتينات السابقة . وتوجد في بعض أصناف النباتات كالحبوب ( القمح والشعيروالذرة .. ) والبقول
( كالفول والعدس والفاصولياء والحمص .. ) .
وفي حالات نقص الوارد من الطاقة فإنَّ الجسم يستهلك البروتينات الموجودة داخل خلاياه ، ويعفُّ عن البروتينات التي تشكل النسج والألياف الضامة الموجودة خارج الخلايا في العظام والجلد ..
تبلغ الحاجة اليومية من البروتينات 1 ملغ/كغ من الوزن المثالي يومياً .ويزداد هذا الاحتياج عند الحوامل والمرضعاتليصل إلى 1.5-2 ملغ / كغ من الوزن ويجب أن تحقق نسبة البروتينات 15 % من مجمل الطاقة المطلوبة يومياً
( وقد تصل في بعض الحالات الخاصة إلى 20 % ) . ويجب أن ننتبه عند حساب الحاجة من البروتينات إلى أنها لاتوجد في المواد الغذائية إلاَّ ممزوجة بالماء
( كاللحم والحليب والحبوبيات .. ) فيجب حساب اللازم منها بعد تعديل نسبتها فيه . فمثلاً يجب تناول 180 غ لحماً للحصول على 60 غ من البروتينات تقريباً.
يُنْتج كل 1 غ من البروتينات عند حرقه طاقة حرورية مقدارها 4 ك.كالوري .
ماذا يحدث إذا نقص الوارد من
البروتينات ؟هناك مرضان معروفان جيداً لدى الأطفال ناجمان عن نقص بروتينات الجسم يدعى أولهما داء الكواشيركورKwashiorKor ، ويدعى الثاني بـ"الماراسموس "Marasmus ولا يختلفان إلاَّ في شدة نقص البروتين ففي الأول يصل النقص حتى 60% من الطبيعي وأما في الثاني فيتجاوز النقص هذا الرقم .
وتتجلى أعراضهما بالوذمات الانطباعية المعممة (تسمى الوذمة هنا بالانطباعية لأنها تترك انطباعاً أو أثراً إذا ضغطت بالأصبع فوق منطقة العظم الظنبوبي مدة دقيقة واحدة وأما في حالة السمنة أو الوذمة المخاطية فلا يترك الضغط انطباعاً بل يعود الجلد مباشرة إلى وضعه الأول) . ونقص تصبغ الأشعار نتيجة نقص المواد الصباغية القتامينية فيه . وتتضخم الكبد بسبب تشحمها كمقدمةلتَشَمُّعِها . وتكثر عند هؤلاء الأطفال العدوى (الجرثومية والفيروسية) نتيجة نقص المناعة ..ويمكن أن يحدث نقص الوارد من البروتينات عند الكبار فيسبب تشحم الكبد ثم تشمعها وما يجر إليه من نقص بروتينات المصل وحدوث الوذمات الانطباعية والحَبَن .
كيف يستفيد الجسم من البروتينات ؟
يبدأ هضم البروتينات في المعدة بوساطة خميرة الببسين و الحمض المعدي ، فيقومان بعملية التجزئة الأولى للسلاسل الطويلة من الحموض الأمينية لتصبح سلاسل قصيرة مختلفة الطول تدعى بالبروتيدات (أو البولي ببتيدات) ، وعندما تصل هذه السلاسل القصيرة إلى الاثنا عشري (العفج) فإنها تمتزج بأنزيمات البنكرياس ( التريبسين، والكيموتريبسين ) التي تتابع هضمها ضمن الوسط القلوي لهذه القطعة المعوية فتصبح الحصيلة مجموعة من الببتيدات العديدة ، والحموض الأمينية والحموض النووية ( RNA , DNA ) الموجودة
في نوى الخلايا. ثم بمتابعة المسير نحو الأمعاء تدخل في التفاعلات أنزيمات معوية أخرى كالإيربسين فتقلب جميع الببتيدات العديدة إلى حموض أمينية بسيطة . وأما الحموض النووية فتنقلب إلى بيورينات وبريميدينات . وتمتص جميع هذه العناصر الانتهائية من الأمعاء لتستقلب داخل الجسم في المواضع المناسبة لها .
فأما الحموض الأمينية فيستخدمها الجسم لاستعادة تركيب البروتينات الناقصة وكمصدر للطاقة إذا لم تتوفر له هذه الأخيرة من المصادر المعتادة الأخرى
(كالسكريات والدهون) وينتهي استقلابها بتشكيل اليوريا (البولة الدموية) ، وأما البيورينات والبريميدينات فتنتهي بتشكيل الزانتين ثم حمض اليوريك .
والخلاصة :
البروتينات مواد غذائية هامة لبناء الجسم ومكوناته الحيوية منها حيوانية المصدر وتعتبر بروتينات كاملة ، ومنها نباتية وتعتبر بروتينات ناقصة . ويحتاجها الجسم بمقدار 1 غ / كغ من وزنه المثالي يومياً . ويحرر كل 1 غ منها 4 ك.كالوري . وينتهي هضم البروتينات بكل أنواعها في الجهاز الهضمي عند تفكيكها والحصول منها على الحموض الأمينية والبيورينات والبريميدينات وأما داخل الجسم فتستقلب إلى يوريا (بولة دموية) وحمض اليوريك (حمض البول) . وتطرح هذه المستقلبات مع البول عبر الكليتين .
ثانياً : الدسم FATs
هناك مجموعتان مهمتان من الدسم هي : الدسم البسيطة والدسم المركبة .
الدسم البسيطة :
أهمها الدسم المعتدلة : ( الغليسريدات الثلاثية ) وتتكون من جزيء من الغليسرول مع ثلاث جزيئات من الحموض الدسمة وهناك غلسيريدات أحادية وثنائية تتألف من جزيء من الغليسرول مع جزيء أو جزيئين من الحموض الدسمة (على التوالي) .
وأما أشهر الحموض الدسمة فهي : حمض النخل Palmitic Acid ويتألف من16 ذرة كربون حمضية مشبعة وحمض الشمع Stearic Acid ويتألف من 18 ذرة كربون حمضية مشبعة . وحمض الزيت Oleic Acid ويتألف من
18 ذرة كربون ذات رباط وحيد غير مشبع .
وهناك حموض دسمة نباتية ذات روابط كربونية عديدة غير مشبعة كزيت الذرة
وزيت عباد الشمس .. وأما الشمع فهو إسترات الحموض الدسمة مع كحوليات ذات سلاسل طويلة . ( بدلاً من الغليسيرول كما هو الحال في الدسم الطبيعية ( .
إنَّ جميع مصادر الدهون الحيوانية ذات حموض دسمة مشبعة الروابط . وأما الدهون النباتية فمنها نوعان : نوع مشبع الروابط وآخر غير مشبع الروابط، ولهذا الأخير نوعان : نوع ذو رابط مضاعف وحيد ونوع عديد الروابط المضاعفة .
الدسم المركبة : وتتألف من الحموض الدسمة مع الغليسرول مع مركبات تحتوي على النتروجين (الآزوت) وكثيراً ما تحتوي على مجموعات فسفاتية . وتشكل هذه الدسم جزءاً من التركيبات الخلوية (كالأغشية المغلفة للخلايا) ، وتدخل بكميات كبيرة في تكوين الأغمدة العصبية ، كما تستخدم في نقل الدسم عبر الدم . وأمثلتها الدسم الفسفاتية Phospholipides (أوالفوسفاتيدات) والسفنغوميلينات Sphigomylelins والدسم السكرية الغالاكتوزية Galactolipides ( السيريبروزيدات ) وتحتوي على الغالاكتوز الوحيد السكريد ، والحموض الدسمة والسفنغوزين . ولكنها لا تحتوي على الفوسفات ولا الغليسرول . وتذوب الدسم المرتبطة في النسج والمحمولة في الدم بمذيبات الدسم وأذكر منها :
الستيروئيدات : (كهرمونات المبيضين ، والخصيتين ، وقشر الكظر ) .
الكولسترول (وتدعى أسترة الكولسترول مع الحموض الدسمة بالكولستيريدات) . والفيتامينات المنحلة في الدسم : A,E,D,K التي تذوب في الدسم ومذيباتها .
ويحتوي غذاء الإنسان على الدسم الطبيعية مع كميات قليلة من الحموض الدسمة والليستين وإسترات الكولسترول .
كيف تُـهْضَمُ الدُّسم ؟ :
يتم هضم الدسم في الأمعاء بعد تعرضها للعصارة الصفراوية وعصارة البنكرياس ، فالأملاح الصفراوية تخفض من توترها السطحي فتستحلبها ، وتعدل العصارة البنكرياسية الوسط الحامضي للطعام القادم من المعدة فترفع درجة الباهاء ـ PH إلى 7 فأكثر ، وعندئذ يصبح إنزيم الليباز البنكرياسي فعالاً قادراً على تحطيم الجزيئات الدسمة الواردة على شكل غليسريدات ثلاثية بوجود الماء فيحلمِهَها Hydrolysis إلى غليسريدات ثنائية أو أحادية مستخلصاً منها الحموض الدسمة المختلفة .
وتتشكل نتيجة هذا الهضم قطرات من جزيئات الأيونات البنكرياسية، والغلسيريدات الأحادية والحموض الدسمة والأملاح الصفراوية ، وتدعى باسم الـمَذْيَلات Micelles وهي ذَوَّابة في الماء.
ويمكن لهذه الجزيئات أن تحلَّ مركباتٍ أخرى كالكولسترول . وتمُتَص هذه المذيلات بشكل منفعل داخل الزغابات المعوية ، ويعاد طرح الأملاح الصفراوية ليعاد امتصاصها في مناطق بعيدة من المعى اللفائفي . وتتألف الدسم داخل الخلية المعوية من غليسريدات أحادية وحموض دسمة ، وتعامل بعد ذلك بإحدى طريقتين :
الأولى : تعاد أسترة الغليسريدات الأحادية والحموض الدسمة التي يتجاوز عدد ذراتها الكربونية 14 ذرة ، لتتحوَّل إلى غليسريدات ثلاثية ، وتقوم الخلية بعد ذلك بتغليفها بمادة تدعى "البيتا ليبوبروتئين" فتشكل قطرات"الكيلوميكرون" التي تدخل إلى الطرق اللمفاوية التي تنقلها إلى القناة الصدرية ثم تنصب في الدوران الدموي مباشرة .
الثانية : تدخل الحموض الدسمة الصغيرة ( أقل من 12 – 14 ذرة كربون ) إلى الدوران الدموي الزغابي عبر الخلايا المخاطية ، وتسمى بالحموض الدسمة الحرة (FFA) أي Free Fatty Acids وترتبط بألبومين المصل في الدوران الدموي . وتسبب الحركة الزغابية المعوية دفع الدسم عبر القناة اللمفاوية والدوران الدموي البابي ( الخاص بالكبد ).
كيف توجد الدسم في الدم ؟ :
توجد الدسم في مصل الدم علىشكل : غليسريدات ثلاثية ، وحموض دسمة ، وفوسفوليبيدات وستيروئيدات . وتقوم بروتينات المصل التي يصنعها الكبد بربط هذه الدسم لحملها في الدوران الدموي . وبحسب كمية الدسم المرتبطة ونوعها فإنَّ الليبوبروتين الحامل لها سيكون خفيفاً أو ثقيلاً ، ولذلك أمكن تمييز عدة أنواع من الليبوبروتينات في المصل بوساطة المثفلة ( عملية التنبيذ ) هي : الليبوبروتينات ذات الكثافة المنخفضة جداً VLDL = Very Low Density Lipoprotein والليبوبروتينات ذات الكثافة المنخفضة LDL = Low Density Lipoprtein الليبوبروتينات عالية الكثافة HDL = High Density Lipoprotein
فأما الصنف الأول فهو وصفي للغليسريدات الثلاثية التي ترتبط بكمية
150 – 160 ملغ بكل 100 مل من المصل . وقد تبين في الدراسات الحديثة أنَّ هذا الليبوبروتئين VLDL هو طليعة LDL في الكبد، وكلما كان عياره مرتفعاً رافقه ارتفاع LDL الذي يحمل الكولسترول ويربطه برباط ضعيف فيهيئه للترسب على جدر الأوعية مشكلاً مع ذرات الكالسيوم والألياف عصيدات تسد لمعة الأوعية وتسبب الداء القلبي الإكليلي ، ولذلك تسمى هذه الليبوبروتينات (LDL ) بحوامل الكولسترول السيِّئة .وأما الليبوبروتينات العالية الكثافة HDL فهي تحمل الكولسترول أيضاً ولكنها تربطه برباط متين فتنزعه عن جدر الشرايين لينطرح مع البول ، ولذلك تسمى بحوامل الكولسترول الجيدة .
يحمل LDL ( 60 – 70 % ) من مجمل الكولسترول ، ويحمل HDL ( 25 %) منه ، وكلما ارتفعت نسبة HDL وانخفضت نسبة LDL كان مستقبل الوضع الشرياني أفضل فلا تتعرض للتصلب والانسداد .
يجب أن يكون عيار LDL أقل من 130 ملغ/ 100 مل ، والرقم بين 130 – 159 ملغ / 100 مل هو على الحدود المرتفعة ، وأما ارتفاعه أكثر من ذلك فيجعل خطر الإصابة الوعائية محققاً وأما عيار HDL فيجب أن يكون أكثر من 45 ملغ / 100 مل . ولذلك لم يعد عيار مجمل الكولسترول وحده كافياً لتحديد نسبة خطورة تصلبات الشرايين (يعتبر عيار الكولسترول الطبيعي بين 150 – 200 ملغ / 100 مل ( 5 ميلي مول / ليتر ) ، بل يجب عيار LDL , HDL معه ثم حساب النسبة بقسمة عيار الكولسترول عليهما .
نحصل على النسبة الأولى بين الكولسترول و HDL بقسمة عيار الأول على الثاني ، والنتيجة الطبيعية يجب أن تكون أقل من 4.5 . ويعتقد الكثير من الأطباء الآن أنَّ الغليسريدات الثلاثية هي أيضاً عامل من عوامل الاختطار في أمراض القلب خصوصاً في الحالات التي يكون فيها عيار HDL منخفضاً والحدود العيارية المقبولة له بين 150-200 ملغ/100 مل وتشكل الحموض الدسمة الحرة 12 ملغ / 100 مل . وهي مصدر الطاقة السريع الذي تستفيد منه معظم خلايا الجسم مباشرة ( باستثناء الخلايا العصبية المركزية والكريات الحمراء ) .
تحتزن الدسم في الجسم داخل الخلايا الدهنية البيضاء على شكل غليسريدات ثلاثية ، وهدف هذه النسج الدهنية المحافظة على وجود الحموض الدسمة الحرة في المصل لضمان تأمين الطاقة اللازمة لأي خلية في الجسم .
ولقد ثبت حالياً أنَّ خلايا النسيج الدهني تتكاثر ويزداد عددها إذا زاد الوارد من الطاقة الغذائية عن حاجة الجسم في مرحلتين من العمر ، هي ما بين سن2 -4 سنوات وما بين سن 12 – 14 سنة . فبعد إشباع الخلايا بكميات الدسم التي تستطيع تحملها لا يمكنها ترك المقادير الفائضة حرة في الدم فتستجيب على ذلك بزيادة عددها . ولذلك فإنَّ هذه البدانة خطرة على الطفل في المستقبل وتكون معممة في الجسم ويصعب السيطرة عليها .
لذلك يجب تحذير الأمهات من الإفراط في إعطاء الأطفال السكريات والدهون في سن 2-4 سنوات و 12-14 سنة . تجـنُّباً للسّمنة الخطرة .
وهناك نوع أخر من النسج الدهنية يوجد عند الولدان ويسمى النسيج الدهني الأسمر ( Brown Adipose Tissue ) الذي يتميز بغزارة أوعيته واستقلابه الشديد فيستهلك كمية كبيرة من الطاقة لتوليد الحرارة اللازمة للوليد بقصد تدفئته بعد الولادة ريثما ينمو مركزه الناظم للحرارة في جملته العصبية المركزية ويتوزع هذا النسيج في منطقة الكتفين والرقبة وخلف القص وحول الكليتين والغدتين الكظريتين ، إلاَّ أنه يضمحل كلما تقدم العمر لعدم الحاجة إليه .
وفي حالات قليلة من الناس يبقى هذا النسيج نشيطاً فيسبب لهم النحافة مهما
أكلوا من طعام عالي الطاقة دون وجود عِلَّة مرضية .
وفي ذلك إجابة عن السؤال حول سبب نحافة بعض الناس رغم أكلهم الزائد وعدم وجود أي مرض لديهم .
تُقَدِّمُ الدُّسمُ طاقةً عاليةً للجسم ، فكل 1 غ منها يعطي (9 ) ك.كالوري
حالات تشحم الكبد :هناك حالات تترسب فيها الدسم ضمن خلايا الكبد بكميات كبيرة فتؤهبها للتليف والتخرب ومن هذه الحالات :
تناول حمية عالية الدسم وخصوصاً إذا كانت فقيرة بالكولين والمثيونين التي تُهَجِّر الدهون من الكبد . وبالعكس يمكن أن يحدث تشحم الكبد بسبب الصيام المطلق المديد ، والدنف العام ونقص التغذية الشديد . كما يحدث التشحم في حالات التهاب الكبد الغولي بسبب شرب الكحوليات ..وبعد استئصال البنكرياس .
ماذا يسبب الإفراط في تناول الدسم ؟
هناك بعض الناس لا يتأثرون بتناول الكميات الكبيرة من الدسم ، ويعزى ذلك إلى أن كبدهم يطرح الكمية الفائضة من الدسم مرة أخرى عن طريق الطرق الصفراوية فالبراز . ولذلك لا يرتفع عيار الكولسترول أو الشحوم الثلاثية في دمائهم عن المقادير الطبيعية . ولكن مثل هؤلاء الأشخاص لا يشكلون أكثر من 15 – 20 % من البشر ، وأما الغالبية الباقية فإنَّ الإكثار من تناول الدسم يسبب لديهم تصلب الشرايين وارتفاع نسبة إصابتهم بالسرطانات كما سنبين في الباب الثاني .
كيف تعرف أنَّ الدسم تضرك أم لا ؟
يمكن لأي شخص أن يعرف مدى تأثير ضرر الدسم عليه بأن يتناولها بكميات كبيرة مدة شهر ثم يعاير الكولسترول والشحوم الثلاثية في دمه على الريق . فإنْ كان عيارها طبيعياً فإنها لا تضره مهما تناول منها . وأما إنْ كان عيارها مرتفعاً فهي ستضره في المستقبل وعليه ألاَّ يفرط في تناولها ، بل لا يتجاوز بنسبتها 30% من مجمل الطاقة المطلوبة له .
الخلاصة :إنَّ الدسم ضرورية للإنسان لأنها أحد مصادر الطاقة العالية ، ولا بد منها لتشكيل أغلفة الخلايا والأغماد العصبية وبعض الهرمونات
( خاصة الهرمونات الجنسية ) وهي ضرورية أيضاً لامتصاص الفيتامينات المنحلة بالدسم A ,E ,D ,K . وهذه الفيتامينات ضرورية لرقء النزوف وترميم النسج ودعم القدرة البصرية ومقاومة السرطانات بتضاد الأكسدة .
إنَّ حاجة الجسم للدسم لا تتجاوز 30 % من مجمل الطاقة اللازمةله . وإنَّ كل 1 غ منها يمنحه 9 ك.كالوري . وإنَّ أسوأ أنواعها الدسم المهدرجة ، فهي تسبب تصلب الشرايين وانسدادها . وأفضل أنواعها ما كان مضاعف الروابط الكيماوية ويمثلها زيت الزيتون . وقد قال أحد العلماء بأن ملعقتين من زيت الزيتون يومياً تكفي حاجة أي إنسان من الدسم .. وفي الحديث الشريف : " كلوا الزيت وادَّهِنوا به فإنه يخرج من شجرة مباركة " . وقد أقسم الله تعالى في كتابه العزيز بالزيتون تبياناً لفضائله على الناس ، فقد قال سبحانه :
{ والتين والزيتون * وطور سنين } التين 1-2
ثالثاً : الكربوهيدرات
( النَّشَوِيَّات والسُّكَّرِيَّات )سميت هذه المواد باسم الكاربوهيدرات لأنها تتألف من ذرات الكربون والهيدروجين والأكسجين فقط . ولها أنواع متعددة، أهمها :
1 – السكريدات العديدة : ومثالها نشاءُ الخُضَر ، والسِّلُّولوز والبكتين اللَّذَيْن لا يمكن هضمهما بوساطة الإنزيمات الهضمية البشرية .
2 – السكريدات الثنائية : ومثالها السكروز ( أي السكر الأبيض المستحصل من القصب أو الشمندر السكريين ) ، وسكر الحليب ( اللاكتوز ) ، وسكر المالت أو الشعير ( المالتوز ) .
3 – السكريدات الوحيدة : ومنها خماسية وسداسية .
أ- السكريدات الوحيدة السداسية : ومثالها : الغلوكوز ( سكر العنب ، الدكستروز ) وسكر الفواكه الفركتوز ( ليفولوز ) الموجود في الفواكه والخُضَر . وأما الغالاكتوز فلا يوجد حراً ، ولكنه يستحصل من انشطار سكر الحليب إلى جزئيه الغلوكوز والغالاكتوز .
ب – السكريدات الوحيدة الخماسية : لا توجد هذه السكريات حرة ، ولكنها تتكون عن طريق تفكك الحموض النووية ، وبعض السكريدات العديدة كالبنتوزانات Pentosans الموجودة في الفواكه والدبقيات Gums .
وتعتبرالسكريات مصدراً سريعاً للطاقة ، ويمكن لجميع خلايا الجسم أن تستفيد منها بسرعة بما فيها خلايا الجهاز العصبي والكريات الحمراء .
كيف يستفيد الجسم من السكريات ؟
يبدأ هضم النشاء ( السكريات النباتية العديدة ) في الفم بوساطة إنزيم الأميلاز الموجود في اللعاب ، وهو يعمل بوسط معتدل أو حامضي خفيف ( أنسب وسط باهاء PH = 6,5 ) . ولذلك يمكن أن يستمر هذا الهضم في المعدة مدة نصف ساعة ، ثم يتوقف نتيجة ازدياد الحمض المعدي ، وتكون نتيجته الحصول على سكر النشاء ( أو سكر الشعير Maltose ) .
ويمكن للحمض المعدي أن يُحَلْمِه Hydrolyse بعض السكروز . وأما إنزيم الأميلاز البنكرياسي فله القدرة على قلب جميع النشويات والدكسترينات كاملاً إلى سكر النشاء . وهو يعمل في وسط قلوي تؤمنه العصارة البنكرياسية ويزداد فعاليةً بوجود الأملاح الصفراوية .
وهناك ثلاث أنماط من الإنزيمات في العصارة المعوية هي الإنفرتاز Invertase ( الإنزيم القالِب ) ، والمالتاز Maltase ( إنزيم النشاء ) ، واللاكتاز Lactase ( إنزيم الحليب ) . وهدفها جميعاً الحصول على السكريدات الوحيدة : فيعطي السكروز بوجود إنزيم الإنفرتاز سُكَّرَي العنب والفواكه ( الغلوكوز والفركتوز ) . ويعطي سكر النشاء ( المالتوز ) بوجود إنزيم المالتاز جزيئين من سكر الغلوكوز . ويعطي سكر الحليب بوجود
إنزيم الحليب ( اللاكتاز ) سُكَّرَي الغلوكوز والغالاكتوز .
ومن المحتمل أن يحدث هضم هذه السكريدات الثنائية على سطح الخلايا الظهارانية للجزء الزغابي من الصائم ، فأشد ما تكون هذه الإنزيمات فعالية في هذه المنطقة من الصائم Jejunum والقسم الداني ( القريب ) من اللفائفي Proximal Ileum. فإذا أصاب خلل ما ( وراثي مثلاً) إنزيم الإنفرتاز أو اللاكتاز فستكون نتيجته ظهور إسهال شديد وتطبل البطن نتيجة تخرب هذه السكريدات بوساطة الجراثيم المعوية لا بوساطة الإنزيمات التي تهضمها هضماً نظامياً .
إن السكريدات الأحادية من الغلوكوز والفركتوز والغالاكتوز تمتص امتصاصاً كاملاً من الأمعاء . وأما السكريات الخماسية Pentosis فتتحرر كمُنْتَج نهائي لهضم الحموض النووية ، والهضم الجزئي للبنتوزانات Pentosans .
وهكذا نلاحظ أنَّ الغلوكوز هو أهم محاصيل هضم السكريات .وإذا وصل هذا السكر إلى المعى الغليظ ( القولون ) فإنَّ الجراثيم الموجودة فيه ستقلبه إلى غاز الميتان وثنائي أكسيد الكربون مع نفايات أخرى ..
وتُـمتص السكريات الوحيدة من الجدر المعوية بطرق كثيرة تؤدي إلى الهدف ذاته حيث تصل إلى الدوران الدموي البابي فيستقبلها الكبد الذي ينظم توازنها في الدوران الدموي فيقلب الفائض منها إلى غليكوجين (وهو ذرات مترابطة عديدة التشعبات من الغلوكوز قد يصل وزنها الجزيئي إلى 5 مليون) وهو الشكل المناسب لخزن السكريات لأنه غير ذواب في الماء ولذلك لا يرفع الضغط الحلولي داخل الخلية ، ولا يمكنه الانتشار تلقائياً ، وهو ذوطاقة عالية ، ومن السهل رجوعه إلى غلوكوز داخل الخلية الكبدية فيردف الدوران بما يحتاجه منه بسرعة كبيرة عند الحاجة ويمكن استخدامه في الاستقلاب مباشرة لإنتاج الطاقة داخل النسج العضلية والخلايا الكبدية أيضاً .
تحتوي كبد الإنسان طبيعياً على 60 غ منه وتحتوي العضلات على 150 غ منه وقد يصل تركيز الغليكوجين في الكبد إلى 5% بعد وجبة غنية بالسكريات ، وقد يهبط هذا الخزين إلى الصفر بعد 18 ساعة من الصيام الكامل . وأما تركيزه في العضلات فيبلغ 0,7 -1% وأما الخلايا الدماغية فلا تحتوي عليه إلاَّ بكميات قليلة .
ويمكن الحصول بسهولة على الغلوكوز من الغليكوجين بفعل إنزيمات مختلفة موجودة في الكبد والعضلات وباقي النسج التي تختزنه . ويحرض على هذه العملية هرمونا الأدرينالين والغلوكاغون في الكبد ، وأما في العضلات فيحرضها الأدرينالين وحده. وأما هرمون ACTH الذي تفرزه غدة النخامى فيحرض هذه العملية في خلايا قشر الكظر فقط .
أمراض اختزان الغليكوجين :
هي الأمراض التي يتم فيها اختزان الغليكوجين دون إمكانية إرجاعه إلى غلوكوز ، وأشهرها مرضان يحدث في الأول منهما اختزان الغليكوجين في خلايا الكبد والكليتين ، ويدعى هذا المرض "داء فون جيرك" الناجم عن نقص أو فقدان إنزيم الغلوكوز 6 فوسفاتاز وراثياً ، ولذلك لا يمكن انحلال الغليكوجين في هذه الحالة ولو بوجود الأدرينالين أو الغلوكاغون .
وأما الثاني فيدعى بمتلازمة ماك أردل وفيه ينقص إنزيم الميوفوسفوريلاز العضلي ، وأهم أعراضه ضعف العضلات الواضح عند التمرين وبذل الجهد العضلي ، حيث لا يستطيع الغليكوجين أنْ يمدها بالطاقة اللازمة عن طريق الغلوكوز .
من أين تحصل الكبد على الغليكوجين ؟
تحصل الكبد على الغليكوجين من مصادر عدة ، أهمها :
ما يمتص من السكريدات السداسية الوحيدة ( الغلوكوز والغالاكتوز والفركتوز ) عن طريق الأمعاء بعد انتهاء عملية هضم السكريات . وما يمتص من وسائط استقلاب الكربوهيدرات وأهمها حمض اللبن Lactic Acid وحمض البيروفيك Pyrovic Acid .ومن الغليسرول المشتق من حلمهة الدسم المعتدلة . ومن أي مستقلبات وسيطة تشتق من استقلاب الحموض الأمينية وتدخل في برْكَة ( Pool ) الاستقلاب .
ما فوائد غليكوجين الكبد وما دوره ؟
إنَّ غليكوجين الكبد هو أسرع وسيلة مباشرة لردف غلوكوز المصل الدموي . وبوجود كميات كبيرة من الغليكوجين الكبدي يتعطل نزع الجذور الأمينية من الحموض الأمينية فتستفيد منها العضلات في بناء خلاياها وترميم المتهتك منها كما يتعطل إنتاج الأجسام الكيتونية من السلاسل الطويلة للحموض الدسمة . وتزداد أيضاً عمليات نزع السُّمِّية نظراً لنشاط عمليات الأستلة وتشكل مادة الغليكورونيد ابتداءً من كثير من المواد المختلفة .
إنَّ الكبد الغنية بالغليكوجين ذات حماية خاصة ضد بعض المركبات الكيماوية
السمية كرابع كلور الكربون ،والكحول الإيتيلي وسموم الزرنيخ وسموم الجراثيم.
مصير الغلوكوز في الجسم :يمكن أن تطرأ على الغلوكوز داخل الجسم تحولات استقلابية كثيرة أهمها :
1 – اختزانه في الكبد أو العضلات على شكل غليكوجين .
2 – أكسدته أكسدة كاملة داخل النسج لإنتاج الطاقة مع إنتاج غاز ثنائي أكسيد الكربون والماء . وتتم هذه العملية ضمن دارة استقلابية طبيعية تدعى دارة كرِبس . ويحرر كل 1 غ من الغلوكوز وفق هذه الطريق 4 ك.كالوري من الطاقة .
3 – انقلاب الفائض من طاقته إلى دسم تترسب في النسج الدهنية .
4 – يمكن ربط جذور أمينية إلى بعض النواتج الوسيطة أثناء استقلاب الغلوكوز لتشكيل الحموض الأمينية . ويجب أن نعلم بأنَّ الغلوكوز لا يمكنه أن يدخل إلى داخل الخلايا إلاَّ بمساعدة هرمون الأنسولين الذي تنتجه خلايا لانغرهانس البنكرياسية ، وبعد دخوله فإنَّه لا يمكن أن يستفاد منه في إنتاج الطاقة مالم تُرفع قدرته لتصبح من نموذج الغلوكوز العالي الطاقة بانقلابه إلى شكل غلوكوز 6 فوسفات .وتتم هذه الفسفرة في خلايا العضلات بوجود إنزيم يدعى"هيكزوكيناز" مع شاردة المغنيزيوم Mg ++ ، وأما في الكبد فبوجود إنزيم "الغلوكوكيناز" . وأما استعادة الغلوكوز منه فتتم في الكبد بوساطة إنزيم الغلوكوز 6 فوسفاتاز .
ضبط غلوكوز الدم :
يتراوح عيار سكر الدم الصباحي ( على الريق ) بين 80 – 110 ملغ/ 100 مل .
ويمثل هذا العيار توازناً دقيقاً بين الوارد والمختزن منه من جهة ، والمستهلك في الخلايا النسيجية المختلفة من جهة أخرى .
ويرتفع هذا العيار عند تناول السكريات لكنه سرعان ما يعود إلى مقاديره الطبيعية خلال مدة أقصاها ساعتين في الحالات الطبيعية . وتقوم عوامل عديدة على ضبط عيار الغلوكوز في الدم ويلعب الكبد الدورَ الرئيس فيها . ويقوم هذا العضو الصناعي الكبير بعملية خزن الغلوكوز وتصنيعه وتوزيعه إلى سائر أنحاء الجسم عبر الدوران الدموي العام ، فيستفيد منه الدماغ والعضلات والنسج الدهنية والغدد المفرزة للهرمونات والإنزيمات .. فهذه النسج تعمل على تخفيض عيار الغلوكوز في الدم ويقوم الكبد بطرحه إلى الدوران بمقدار مناسب للاستهلاك بحيث يبقى عياره ثابتاً .
الخلاصة
:إنَّ السكريات والنشويات مصادر سريع للطاقة تستفيد منه جميع خلايا الجسم ومنها أشكال كثيرة أبسطها وأسرعها امتصاصاً هو الغلوكوز الموجود في العنب وهو الناتج عن هضم الكربوهيدرات . وأما سكاكر الفاكهة فهي أبطأ منه لأنها تحتاج إلى عدة مراحل لهضمها وانقلابها إلى غلوكوز . وأما سكر القصب أو الشوندر ( السكر الأبيض أو السكروز ) فما هو إلاَّ مجموع جزيئتي غلوكوز وفركتوز .
يحتاج الجسم إلى النشويات والسكريات بمعدل 50-55 % من الطاقة العامة التي يحتاجها يومياً ، وترتفع هذه الحاجة عند الرياضيين وعندكل من يبذل جهداً عنيفاً يتطلب طاقة سريعة لتصل أحياناً إلى 65 % .
وإنَّ كل 1 غ من الكربوهيدرات يعطي 4 ك.كالوري .
ويجب أن نعلم بأنه كلما زدنا من استهلاك السكريات فإننا نحتاج معها إلى مزيد من الفيتامين ب1 لأنه وسيط استقلابها في الجسم خصوصاً في الجهاز العصبي .
منقول
كتر الف خيرك حبيبتى تسلمى
ممتازة حبيبتى
ممتازة حبيبتى