تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الزواج بالتزكية .

الزواج بالتزكية . 2024.

الزواج بالتزكية…

الزواج بالتزكية…

لم أكن أتوقع يوما ما أن ملائكة الرحمة ستعاني من قلة الرحمة!,أن تكون ضحية زمنها الغادر المتسلط, أن يبول في العراء ويعري مظهره العاري أصلا!,ويجتر الوهم , ويبحث عن الضياع في ضياع!
خرجت ُ من قريتي من عشر سنوات ٍ خلت, مرغمة وقد انتزعوني من نعيم الفقر إلى مجتمع يشعرني بفقري أكثر!إى مجتمع كبير كبير أجد نفسي فيه قطرة تائهة بين شمس الظهيرة وبرد المساء!
أعاني قلة الزاد ووحشة الطريق…فوجدت الانتساب لمدرسة التمريض أقصر السبل لحل معضلتي فأنام وأبات فيها بعيدا عن مسقط رأسي في الريف, وصوت والدي يهدر كالصاعقة في أذني:
-صار عليك الآن أن تبحثي عن عمل ترفدي به عائلتك المحطمة لم يعد بي طاقة على تحمل نفقاتكم المتزايدة يوما بعد يوم…
سنوات عشر وأنا اجتر غربتي بصمت وحذر وخوف أن يضيع مني غال حتى أضمن طريق العودة بسلام…أكابد مرارة الوحدة مع كل هذا العدد من الفتيات,اكتب مذكراتي الدامية وأشعر بقلة ذات اليد ,وأجوع يوما وأتطفل أياما على موائد صديقاتي الذين كان يرسل لهم ما يكفيهم من أرض سخية بخلت على أهلي بخيرها حينها!
و اختلط الدمع بدمي وبات قمحي براعما ستزهر يوما ما…وما جعلني مرفوعة الرأس بياض صفحتي ونقاء سري وسريرتي…أرى كل يوم تهاوي صديقاتي في براثن العبث والقذارة الأخلاقية وأبكيهم لأني فقدتهم فعلا….بقي سؤالي عالقا في شفة القلب:
-هل الابتعاد عن الرقابة الأبوية يسوغ كثيرا من الأخطاء على سبيل التجربة؟
لا تجربة في مسار الأخلاق هكذا حرصت والدتي على تعليمي…حتى كأني أسير في الطريق ولجام الخلق في حلقي يمنعني حتى بالتلفظ بما لا يليق….
-غريب أمر تلك الفتاة..
نعم وأنا سعيدة بغرابتي…
كنت أعتقد أن تلك السنوات كفيلة بتأجيج أشواق إخوتي ووالدتي ليزورونني في عالمي الجديد هذا!!
ليباغتني والدي بزيارة مفاجئة يلقي قنبلة حارقة يخبرني فيها بوفاة والدتي ….
-يا الله…كيف سولت لكم أنفسكم ان تخفوا عني هذا الخبر الحزين الصاعق؟والدتي توفيت ولم ترني! ولم أرها يا الله…كانت رسائلها المكتوبة باللغة العامية تسعدني وتريحني..فكيف فعلتموها أجيبوني؟
-هذا ما حصل لقد كان الأمر سريعا جدا…أتتها جلطة في يديها ثم استفحل الأمر وبدا الشلل يسري في جسدها ولم تكن احتمالات نجاح استئصال الورم في المخ مرتفعة فكان لزاما علينا ان نستقبل القضاء والقدر بصدر رحب وتسليم…
تذكرت حسام …نعم حسام الذي حفظني وحفظته..ونوى تحدي أهله في الرغبة بالزواج مني وهو المخملي الطلعة والحياء والحياة!
-ابن عمك طلبك مني , وكذا أولاد عمك الباقون ,وقد وعدتهم وعليك الاختيار بينهم ..لامناص..
-كيف هذا يا أبي وهم لا يقرؤون ولا يكتبون …وإن كانوا فلي رأيي وكياني لقد شكلت نفسي من جديد نعم أنا أصيلة, وحافظت على نفسي جيدا لتضيعوها اليوم ؟لا تنس ؟إنني قسّمت لقمتي نصفين ولم أتواني عن دعمكم يوما…فكيف؟..
-لا تخرجي غضبي رغما, ولا تكسبي غضب والدك الآن ..قضي الأمر..
– لا لم يقض بعد ,أنا بشر , أنا كيان كامل …اترك لي الخيار…
-سوف تأتين معي الآن
-وعملي وظروفي؟
-لامناص ولا هروب بعد الآن , يكفي ما قمت به لم يعد بنا حاجة له الىن, سوف تسعدين بهم فلديهم ما يغنيك عن العمل ,تعالي وإلا ..
ورفع يده في وجهي,وكأن التزاما حارقا هب فجأة وملوحا أمامه , يقيد معصمه وفكره العجوز….وكان ورطة لفت حبل حياته وشدته بقسوة…
هطل دمعي غزيرا…وابتعدت عنه وكأنني اهرب من شبح آت بفجيع!ارتطمت بخزانتي …ثم كتبي ورأيتني أترنح بسذاجة…
فوجدت رأسي تدور والكون يدور وكل أوراقي تتناثر حولي ومذكراتي تتمزق دون أن أراها جيدا…
لأفيق في المستشفى ويقول لي حسام
-الحمد لله على السلامة ياحبيبتي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.