رمضان والعلاقات الحميمة مع الزوج
كيف تحمي نفسك من الأخطاء الشائعة في المظهر والتفكير والسلوكيات الشائعة عند الزوجات العربيات في رمضان؟ وكيف تربحين علاقات أكثر حميمية مع زوجك وأولادك، وغير ذلك من الأسئلة الحيوية…
إحباط ولكن!
كثير من الزوجات يشعرن بإحباط -تتراوح حدته- من أزواجهن ولا تسامح الواحدة منهن زوجها على هذا الشعور، ويرسخ المشاعر العدوانية بداخلها -دون وعي في أغلب الأحيان- مما يجعلها تضخم من عيوبه وتقلل من مزاياه، ولا يوجد زوج بدون أي ميزة، حتى إن كانت استمراره في الزواج، مهما كان غير موفق.
وكما يقولون فإن عين السخط تبدي المساوئ، كما أنها تؤذي المرأة وحدها، بينما يمضي الزوج في حياته غير عابئ بمشاعر زوجته، بل ربما يتصور أنه ضحية ويكابد الإحساس المرير بالظلم!!.
ومع الشعور بالإرهاق من الصيام تزداد حدة المشاجرات، ونتمنى لكل هؤلاء الزوجات أن يمنحن أنفسهن فرصة (ثمينة) للتصالح مع الحياة، وللنظر إلى عيوب الزوج بالنَّظارة التي تصغِّر وليس بالنظَّارة التي تضخم، وأن تدرك الواحدة منهن أنها ستفعل ذلك ليس من أجل تدليل الزوج أو إسعاده،
لكن من أجل نفسها ما دامت تنوي الاستمرار في الزواج؛ فمن الذكاء أن تحاول (تجميل) حياتها بقدر الإمكان؛ فالزوجة الذكية هي التي تستفيد من شهر رمضان لبدء صفحة جديدة مع الزوج بدون خطب أو محاضرات، أو محاولة إشراك زوجها فيما تنوي فعله، حتى لا تساوره الشكوك في أنها ستفرض عليه أمورًا لا يحبها،
مما قد يدفعه إلى العناد، أو إلى التسفيه من محاولاتها، وبدلاً من ذلك عليها بتغيير أفكارها عن الزوج وأن تقتنع أنه ليس أسوأ زوج في العالم، وأن هذا وحده يشكل بداية جيدة، كما أنها ليست أحسن امرأة في العالم، وهذا وحده يشكل دافعًا لها كي تبذل الجهد لتحسن قدر الإمكان من حياتها في الشكل والمضمون، ولتقترب من تحقيق أحلامها السابقة في الحياة والتي تخلت عن قدر كبير منها بعد الزواج.
ومن أهم أسباب التكدير (المقيم)، هو أن الزوجة تظل تتمنى وتحلم (وتقاتل) بشراسة لتغيير طباع زوجها وتحرم نفسها من فرص (الاستمتاع) بما لديها من نِعم، وترهن كل البهجة بالحصول على ما تريد من تغييرات في طباع الزوج، وتنسى أن الإنسان لا يتغير إلا إذا أراد هو ذلك،
وأنه (يسعى) للتغيير إذا ما شعر أنه يخسر من عدم التغيير؛ لذا على الزوجة أن تحاول -دون خطب ومواعظ- بل بوسائل عملية وغير مباشرة ترغيب زوجها في التغيير المطلوب، وأن تشعره أن في ذلك مكسبًا كبيرًا له شخصيًّا، ثم لا تُلِحّ عليه في ذلك حتى لا يلجأ إلى العناد لإثبات أنه الرجل وصاحب الكلمة الأولى وما إلى ذلك، وعليها أن تكون ذكية فتتشاغل بالاهتمام بأمورها حتى يحدث هذا التغيير، وألا توقف حياتها حتى يحصل ما تحب؛ ففي ذلك إضاعة لأيام العمر ويضخم من استجابتها السلبية لأي شيء يحدث من زوجها غير رد العدوان بمثله أو بما هو أقوى.
مكافآت معنوية وحسية
وعلى الزوجة أن تحفز زوجها بلطف وبذكاء ليكون أكثر لطفًا معها، وتشجيعه ومكافأته معنويًّا وحسيًّا على أي تقدم يفعله مهما كان بسيطًا، والابتعاد عن التشنجات والصراخ ولغة الأوامر، والتقرب إلى الله بالتودد إلى الزوج والتحبب إليه، وتذكر أن هذا التودد من صفات الحور العين
وهن نساء الجنة فلتحاول التشبه بهن بالقول وباللمسة الحانية وبحسن المظهر، وتتجاهل أي استجابة (سخيفة) من الزوج لعدم اعتياده ذلك، ولظنه بأن الزوجة إنما (تناور) لتحقيق مطلب شخصي أو ما شابه ذلك، ولتداوم فعل ذلك خلال شهر رمضان بدأب وبتدرج وستحصل على نتيجة رائعة، مهما كان عمرها ومهما بلغت حدة الخلافات الزوجية، وعلى الرغم من تراكمها عبر السنوات.
وقد تصرخ زوجة مؤكدة بأن الزوج لا يستحق، كما يوجد رصيد هائل من المشاحنات، بل وبعض الكراهية المكبوتة لتصرفاته وطباعه و… و…
ونهمس لها: ولكنك تستحقين حياة زوجية أفضل، والفوز بثواب الزوجة الصالحة، كما أن الله أمر الزوجة بحسن التعامل مع الزوج بصفة عامة، ولم يشترط أن يكون الزوج رائعًا في تصرفاته معها، وهذا لا يعني أن تكون المرأة سلبية مع زوجها؛ فديننا دين الإيجابية الجميلة،
ولكننا ننادي بعدم تأجيج نيران العدوانية بين الزوجين، مع عدم تصعيد المشاكل إلى درجة العدوان اللفظي أو البدني، وفي ذلك مكاسب كثيرة لكل زوجة ذكية، فإذا لم تستطع الوصول إلى السعادة التي تحلم بها، فمن الذكاء تقليل أسباب الشقاء إلى أقل درجة ممكنة والاحتفال بذلك،
بدلاً من التباكي على ما لم نصل إليه، والانشغال بتنمية سعادتنا في سائر الأمور الأخرى مثل زيادة الاستمتاع بالأمومة، وبصلة الرحم، وبالعمل سواء داخل البيت أو خارجه، وبتنمية الهوايات والاستمتاع بها إلى أقصى درجة.
أخطاء اللقاء الخاص
وعلى الزوجة الذكية أن تنأى بنفسها من هذه الخسائر المتلاحقة، وأن تنتهز فرصة رمضان للتودد إلى الزوج بحسن مراعاة أموره في نهار رمضان والتغاضي عن هفواته وبعض الصغائر التي تصدر منه،
وإعطاء الزوج حقوقه الحسية كاملة وعدم التعلل بالعبادة -كما تفعل الكثيرات- وأن تحسن من تجاوبها العاطفي معه في اللقاء الحميم في ليل رمضان، مما سيزيد من إمكانية ترميم أوجه الصدع في علاقتهما،
وإن طالت؛ فالبحوث النفسية الحديثة تؤكد أن معظم المشاكل تبدأ بسبب فشل العلاقة الحميمة، وأن الزوجة تستطيع احتواء زوجها حسيًّا متى أرادت ذلك ومتى تمتعت بالذكاء الأنثوي الذي يدفعها إلى التصرف برقّة ونعومة والتحلي بالمظهر النظيف والجذاب، ليس في أثناء هذه العلاقة وحدها ولكن عبر اليوم كله، وألا يعلو صوتها، ولا يتجهم وجهها أو يترهل جسدها بسبب البدانة،
أو ترتدي الملابس المكررة الخالية من الألوان المشرقة والبعيدة عن التصميمات الشبابية المبهجة والتي يراها الزوج أينما ذهب خارج البيت، وفي الفضائيات داخل البيت، ويفتقدها مع زوجته.
ولا ننسى أهمية ذلك في استمرار انجذاب زوجها إليها وفرحة أبنائها بجمال وحيوية أمهم، مع مراعاة أن الحفاظ على المظهر الجميل لا يتطلب إلا أن تدرك المرأة أهميته، ثم تعطي الأمر لعقلها بأن يذكرها ذلك عدة مرات يوميًّا، وأن تعي أنه لا يتطلب سوى بضع دقائق يوميًّا.
مع تجاهل التعليقات (السلبية) وربما الغبية من الزوج الذي لا يعتاد هذا التجمل من زوجته، وعدم السماح للأبناء بأية تعليقات سخيفة، وإجهاضها بهدوء، ولكن بحزم مع الاحتفاظ بالاسترخاء الذهني والنفسي، وأن تردد لنفسها: حسنًا.. سيحتاجون بعض الوقت حتى يعتادوا على صورتي الجديدة والدائمة بإذن الله.
احتواء الأبناء
ونتمنى في رمضان فتح صفحة جديدة مع الأبناء -دون إخبارهم- حتى لا يتخذوا موقفًا مضادًّا والقيام بمنحهم المزيد والمزيد من الحنان والإشباع العاطفي، مع فتح باب الحوار والإجابة على أسئلتهم بهدوء وحب واحتواء، والتركيز على احترام مشاعرهم وتقدير كل مرحلة عمرية يمرون بها وإعطائها حقها من جميع النواحي قدر الإمكان، ومحاولة إشباع حاجتهم فيها، وملاطفتهم بذكاء ودون افتعال، مع الحرص على احترام علاقاتهم،
وضرورة الابتعاد تمامًا عن الاستخفاف والاستهزاء بهم أو بأفكارهم مهما كانت ساذجة أو غير منطقية، والتنبه إلى أهمية الثناء عليهم أمام الآخرين؛ لما في ذلك من رفع لمعنوياتهم ولإحساسهم بقيمتهم، مع المحاولة الجادة والدائمة -وغير المباشرة- لجذبهم واتخاذهم أصدقاء والاستماع لأحاديثهم والإنصات لهم وتوجيههم دون إشعارهم باللوم والتأنيب، وعدم إفشاء أسرارهم والاهتمام باستشارتهم بأحد الأمور، مما يسعدهم ويرضيهم ويعطيهم الفرصة للشعور بالنمو العقلي والعاطفي.
مضايقات الزوج
ولكن ماذا تفعل الزوجة الذكية عندما يضايقها زوجها في رمضان؟
نؤكد لهذه الزوجة أنها لن تستفيد دينيًّا ولا دنيويًّا من الرد على العصبية بصراخ أو بعصبية أشد، فعليها ألا تنظر في وجه زوجها الثائر حتى لا تنتقل إليها عدوى العصبية، وأن تتذكر أن أي مشاجرة لكي تنشأ لا بد لها من طرفين يرغبان في نشوئها، وأن المسألة لا تتعلق بالكرامة أو بالكبرياء، ولا بالانتصار على الزوج؛ لأن الزواج ليس حلبة للمصارعة، وأن الطرف الأذكى لا يدخل في معارك جانبية ليس لها أي فائدة، بل تجلب أكثر الضرر، وأهمه الضرر الديني وفقدان ثواب الصيام، وهي خسارة فادحة بالتأكيد، فضلاً عن زيادة مساحة المشاكل الزوجية.
ونوصي هنا الزوجة أن تردد في سرِّها جملة اللهم إني صائمة، دون أن تشعر أنها مظلومة أو أنها تقدم تنازلات، بل عليها أن تفخر بنفسها؛ لأنها الطرف الأذكى الذي يتمكن من السيطرة على مشاعره، وأنها ليست بغبية حتى تتصرف كرد فعل لغضبه، وتدريجيًّا سيعتاد الزوج على أسلوب زوجته الجديد، وإن قاومه لفترة، وهذه الفترة ستتقلص كثيرًا تحت إصرار زوجته على التزام الهدوء تجاه ثورته، وعدم استجابتها لاستدراجه (المتكرر) لها لدفعها إلى الرد على العصبية بما هو أكثر منها.
ولا نطالب الزوجة بكبت ما يضايقها، بل عليها بطرده أولاً فأولاً، واستبدال التفكير في أي شيء تحبه وتود أن تفعله مهما كان بسيطًا به، وإن استطاعت الاسترخاء الجسدي فإن عليها الإسراع به وتذكير نفسها بأنها لن تتراجع أبدًا عن النهوض بنفسها دينيًّا ودنيويًّا، ولن تسمح لأي إنسان،
حتى لو كان زوجها أو أحد أبنائها، بإعاقة هذا النهوض، والمرأة الذكية هي التي (تختار) طواعية وبكامل وعيها وإرادتها الاحتفال بكل النعم التي لديها وإفساح أكبر حيز في قلبها وعقلها لها، وترك أقل حيز ممكن للانشغال بالمنغصات ليس للألم منها، ولكن لمحاولة تغييرها بالذكاء والفطنة وبالصبر (الجميل) إن أمكن،
وإذا لم يمكن ذلك فعلى المرأة الذكية أن تهز كتفيها قائلة: وماذا يهم في ذلك، الجميع لديهم ما يضايقهم، وأنا أختار أن أكون محظوظة تنعم بما لديها، وأن أشكر الله سبحانه وتعالى القائل “لَئِنْ شَكَرْتُمْ لََأَزِيْدَنَّكُم”، وأنا أثق في وعد ربي، ولن أكون شقية فأخسر ديني ودنياي.
رمضان والعلاقات الحميمة مع الزوج
رمضان والعلاقات الحميمة مع الزوج