كثيراً ما نسمع أن فاقد الشيء لا يعطيه ، وكأن أحاسيسنا ومشاعرنا تنضب !! وكأن العطاء يقلل الحب والحنان والرحمة الذي نمتلكه !!
ولكنني ..
أرى أن فاقد الشيء يعطيه ، بل ويعطيه أكثر من الشخص العادي ..
فحينما نشعر بفقد إحساس ما ، نكون أكثر ما نكون معرفة بذلك الألم الذي يخلفه نقص الشعور بوجوده ، فسرعان ما تهرع نفوسنا إلى تعويض ما فقدناه نحن إلى مَن نراه في مثل حالنا ، حتى لا يشعر بذلك الألم الذي عهدناه ..
فحينما يفقد الطفل حنان أحد الوالدين ، نجده أكثر ما يكون حناناً ورحمة ً بكل الأطفال وربما تتجاوز إلى حدود التدليل ؛
وحينما يفقد الشخص نعمة رغد العيش ، نراه أثر ما يكون عطاء وبذلا ً حين تتسع معيشته ؛
ونرى أن من فقد الحب أو واجه آلاما ً بسببه ، يسعى جاهداً لأن يكون كأفضل ما يكون مع كل من يحبه بعد ذلك ، رغبة منه في عدم جلدهم بنفس السياط الذي جُلد به ؛
قد يكون فاقد الشيء لا يعطيه ، عندما تشكل الضغوطات جانباً غير سوي في ذواتنا ، فتصنع من أحاسيسنا جلاداً بنفس السوط الذي جلد به إحساسنا ، وربما أن خوفنا الدائم من تكرارنا لصورة من أمسكوا السياط يوماً ما وجلدونا به ، يجعلنا لاشعورياً نسلك مسلكهم دونما أدنى شعور !!
إن العطاء نبع وافر وإحساس غزير لا ينضب ، فإن كنا نرى أن فاقد الشيء لا يعطيه ، فهذا يعني أن أحاسيسنا تنضب وتجف ، وهذا أكثر ما يكون مضاداًً للفطرة ومخالفاً لمنطق العقل.
إن أحاسيسنا وعطائنا نبع غزير لا ينضب ، فلا تجعلوه ينضب تحت تأثير الضغوطات السلبية في حياتنا ، فصدقوني أن العطاء يعطي الإنسان شعوراً بالنشوة العظيمة التي لا يمكن وصفها بالكلمات ، يحس الإنسان بقيمة أخيه الإنسان ، ويشعر الإنسان أن حياته لها هدف ومعنى سامٍ يصل عنان السماء ، يشعر أنه جندي من جنود الخير ، وجندي من جنود الله الذين يقومون بنشر المحبة والخير والعطاء بين الناس ، فلهم خير الجزاء في الدنيا والآخرة إن شاء الله.
اسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم جنوداً مجندة للخير والعطاء والمحبة ، وأن يجزينا بذلك الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء ، آمين آمين.